السوداني يبدأ تحضيرات الحرب المؤجلة
بحسب التوجيهات ستتم إعادة تفعيل دور (ديوان الرقابة المالية)، باعتباره أعلى جهة رقابية في الدولة، يُضاف له المباشرة بتعميم تطبيقات (دليل الرقابة الداخلية)، والذهاب فعلياً نحو تشريع (قانون هيئة الرقابة الداخلية)
كتب / سلام عادل
من اللافت للنظر التوجيهات الجديدة التي صدرت عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتي ربما تُعد بمثابة تحضيرات للدخول في حرب مكافحة الفساد، وهي الحرب التي طال انتظارها منذ سنوات، والتي بسببها يتذيَّل العراق قائمة الدول الأكثر فساداً، حيث جرى إدراجه وفق مقياس منظمة الشفافية لسنة 2023 في المرتبة 154 من بين 180 دولة، وهو التصنيف الذي يجعل العراق في المرتبة السابعة من بين الدولة العربية الأكثر فساداً.
وبحسب التوجيهات ستتم إعادة تفعيل دور (ديوان الرقابة المالية)، باعتباره أعلى جهة رقابية في الدولة، يُضاف له المباشرة بتعميم تطبيقات (دليل الرقابة الداخلية)، والذهاب فعلياً نحو تشريع (قانون هيئة الرقابة الداخلية)، الأمر الذي سيعني بهذه التوجيهات الثلاثة فتح ترسانة الأسلحة التي تحتاجه حرب مكافحة الفساد، في حال توفر الدعم السياسي اللازم للحكومة بالطبع، وفي حال توفر الكادر البشري المهني والنزيه، لمثل هكذا مهمة تُعد الأصعب بعد حرب القضاء على الإرهاب.
وبالتوازي مع توجيهات رئيس الحكومة، أعلنت (أكاديمية مكافحة الفساد العراقية)، عن فتح باب التقديم على الدراسات العليا بدرجة (الدبلوم العالي المهني)، في التخصصات المرتبطة بعمليات مكافحة الفساد، على أن يكون المتقدمون من الموظفين الحاليين في الدولة، ولا يتجاوز سن المتقدم الـ50 سنة، ويكون حاصلاً على الشهادة الجامعية الأولية بتخصصات (القانون، الإدارة والاقتصاد، العلوم المالية والمصرفية والمحاسبة، الإعلام).
وتعتبر مكافحة الفساد من أولويات الحكومة التي صوت عليها مجلس النواب نهاية عام 2022، وكان من بين مفردات منهاجها الوزاري القيام بتقييم شامل لكافة الدرجات العليا وأصحاب المناصب والوكلاء والمديرين، على أن يتم إجراء تعديل وزاري حال تطلب الأمر، إلا أن عملية (التقييم)، التي قامت بها دائرة الرقابة والتقييم المؤسسي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لم تقدم ما يساهم بتحسين أداء الكادر الوظيفي الأعلى في الدولة.
ومن هنا تبدو الحاجة إلى (الرقابة)، قبل (التقييم)، لمكافحة الفساد، من باب كون الرقابة هي التي تحسم قرارات التقييم، وهي المعطى الأساسي الذي تُبنى عليه الإجراءات الإصلاحية التي تحتاجها مؤسسات الدولة، والإصلاح كما يعلم الجميع (حرب مؤجَّلة)، ينتظرها العراقيون، بمن فيهم سكان المحافظات الشمالية الثلاث المنتظمة في إقليم كردستان، بعد أن مرت 20 سنة على الدولة كانت فيها غارقة في بحر من الفساد وانعدام الرقابة والمحاسبة.