السوداني يكشف عن (الغاطس) من التحديات
لعل تفسيرات ما يقصده رئيس الوزراء ينبغي أخذها من زاوية التحليل الأمني قبل السياسي، وذلك لارتباط هذا الموضوع بقضايا (التخابر والتخادم)، التي تعتبر واحدة من الحالات المرضية التي تفتك بجسد العراق الجديد
كتب / سلام عادل
اقتبست وسائل الإعلام العراقية ما يقرب من (29 عنواناً) من كلام رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، من بين مداخلته في المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس، وتنوعت هذه العناوين ما بين جملة اهتمامات تتعلق بالطاقة وسوق العمل وتنويع الموارد وفرص الاستثمار، بما فيها قضايا البيئة والمناخ، مع أن قضايا الأمن والاستقرار السياسي وتصاعد الأحداث في المنطقة كان لها المساحة الأوسع.
ولأول مرة يجري الحديث بشكل واضح عن (التحديات الغاطسة)، والتي لم تكن محل اهتمام من قبل، وسكتت عنها الحكومات المتعاقبة، ما جعلها غير مرئية وغير مسموعة، مع كونها مؤثرة إلى أبعد حد، باعتبارها لعبت دوراً في تعقيد الحالة العراقية دولياً، وهو ما كشفه السوداني بشكل واضح حين قال إن "واحدة من التحديات التي تواجه العراق هي عدم نقل صورة صحيحة عن الأوضاع"، وهنا ينتهي الاقتباس الذي يتطلب شرحاً وتوضيحاً.
ولعل تفسيرات ما يقصده رئيس الوزراء ينبغي أخذها من زاوية التحليل الأمني قبل السياسي، وذلك لارتباط هذا الموضوع بقضايا (التخابر والتخادم)، التي تعتبر واحدة من الحالات المرضية التي تفتك بجسد العراق الجديد، وهي تكونت جراء ظروف الاحتلال التي شهدها البلاد ابتداءً من عام 2003، حين تنامت حالة التواصل مع السفارات والمخابرات الدولية من دون ضوابط وطنية تحت يافطات متعددة الأشكال.
وما يؤسَف له حقاً أن الإجهزة الأمنية العراقية، الاستخبارية منها تحديداً، قد غضّت النظر طويلاً عن رصد وتشخيص ومعالجة هذه الحالة الخطيرة، التي جعلت الأمن القومي العراقي في حالة عدم استقرار، يشمل ذلك عدم الاستقرار في الحياة السياسية، الأمر الذي جعل البلاد في شبه حالة تدويل مزمنة، تسببت بسلب السيادة في ما يخص القرار السياسي والأمني والاقتصادي، وكل ذلك يرتبط بتقارير ومعلومات وتصورات تنتقل بواسطة وسطاء، غالباً من يكونوا مزدوجي الجنسية أو عراقيين لديهم وظائف رفيعة.
وربما تعتبر وزارة الخارجية، مع ملحقيات وممثليات ومؤسسات رديفة لها، من أبرز المنافذ التي تُمَرَّر من خلالها (المعلومات المغلوطة) عن الأوضاع في العراق، وعلى وجه الخصوص لجان التفاوض والتواصل التي فشلت حتى هذه اللحظة في حل أي مشكلة، فضلاً عن تعقيدها، وهو ما يجعل أحياناً وصف (المفاوضين العراقيين) بـ(المخادعين العراقيين) الأقرب إلى الواقع.
ومن هنا تأتي أهمية تشخيص وجود (تحديات)، تتمثل في "عدم نقل صورة صحيحة عن الأوضاع في العراق"، والتي جاءت على لسان رئيس الوزراء في دافوس، على أمل أن يتحول هذا التشخيص المهم إلى مفردة رئيسية في البرنامج الحكومي، يجري العمل عليها من قبل جهاز المخابرات ووكالة الاستخبارات كمتبنيات أساسية وكأهداف، تساندها تغييرات جادة داخل وزارة الخارجية العراقية وجميع بعثاتها الدبلوماسية في العالم، وذلك لكون من غير المعقول تحقيق أي منجزات تذكر في ظل البقاء في دوامة التشويه والتسقيط المنهجي والمنظم.
#شبكة_انفو_بلس