الصداقة العراقية مع دولة (الدجاج المقلي)
لم ينتج عن الصداقة العراقية - الأمريكية خلال الـ20 سنة الماضية غير مطعم دجاج مقلي ضمن سلسلة مطاعم (كنتاكي)، التي تُقدم أردأَ أنواع المأكولات المشبّعة بالكولسترول، والذي افتتحته السفيرة الأمريكية في منطقة الجادرية وسط بغداد في جو احتفالي مضحك للغاية.
كتب / سلام عادل
منذ سنوات يردد علينا (البعض) مقولات مجانية عن ضرورة تعميق العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبار أن ذلك يصب في صالح ومصلحة البلاد وأهلها، مع كون الخسارات التي نتجت عن هذه العلاقة فاقت الحد المعقول، لكونها على الأقل تسببت بتدمير جميع بنى ومباني البلاد خلال حربَين أحدهما احتلال، فضلاً عن سقوط ضحايا من العراقيين يُقدر عددهم بنصف عدد الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية.
ولم ينتج عن الصداقة العراقية - الأمريكية خلال الـ20 سنة الماضية غير مطعم دجاج مقلي ضمن سلسلة مطاعم (كنتاكي)، التي تُقدم أردأَ أنواع المأكولات المشبّعة بالكولسترول، والذي افتتحته السفيرة الأمريكية في منطقة الجادرية وسط بغداد في جو احتفالي مضحك للغاية، في حين غابت الشراكات الاقتصادية التي تتجاوز احتياجات البطن والمعدة عن قاموس هذه العلاقة المريض بين الدولتين.
ويصعب على أي متتبع ومتابع للشؤون التجارية وضع رقم أو نسبة محددة لحجم التبادل التجاري بين أمريكا والعراق، وهو ما يؤكد الحجم الهزيل لهذا التبادل مقارنةً بالوضوح الذي يسود العلاقات التجارية الأخرى، مع الصين مثلا والذي يُقدر بـ34 مليار دولار، أو مع تركيا والذي يُقدر بـ18 مليار دولار، أو حتى مع إيران المحاصرة والذي يُقدر بـ8 مليارات دولار.
ولا توجد في الأسواق العراقية من شمال العراق وحتى جنوبه أي وكالة رسمية لشركات أو مصانع أمريكية، بما فيها (شركة أبل) التي يتم استخدام منتجاتها على نحو واسع في العراق، على الأقل (جهاز آي فون)، وتبقى البضائع الأمريكية تُباع في حدود المفرد البسيط أو المستخدم كحال تجارة السيارات المستعملة وغالبيتها مصابة بحوادث سير.
وتجدر الإشارة إلى أن العراق يشتري بين فترة وأخرى سندات في الخزينة الأمريكية تعود لحسابات البنك المركزي العراقي، يُضاف إلى ذلك تخزين جميع واردات النفط العراقي المباع داخل أسواق آسيا في حسابات البنك الفدرالي الأمريكي، الأمر الذي بات يعيق حركة الأموال العراقية بحكم شروط واشتراطات السياسة الأمريكية ومزاجيتها في التعامل مع الدول.
وتسبب جميع الرؤساء الأمريكان بعرقلة عملية التنمية والاستثمار في العراق، وذلك على خلفية (القرار التنفيذي) الذي يصدر تحت يافطة حماية الأموال العراقية بتوقيع الرئيس، يضع بموجبه العراق في تصنيف الدولة غير الآمنة، مع كون أموال العراق السيادية لا تحتاج إلى أي حماية بموجب القانون الدولي، ولهذا بات يعتبر (القرار التنفيذي) الذي يتم تجديده سنوياً، عبارة عن (خازوق) اعتادت عليه بغداد ولا تريد الخروج منه، في حالة تشبه الإدمان على الذل والهوان.
ولهذا، ومن الواضح، تبدو العلاقة بين العراق والولايات المتحدة غير متوازنة وغير صحيحة، ولا حتى يمكن إصلاحها بطريقة الطمطمة على كل تركة الحصار الاقتصادي الذي استمر 13 سنة، أو الاحتلال الرسمي الذي استمر 8 سنوات، ووصولاً إلى حالة الهيمنة على البلاد التي باتت منزوعة السيادة في قرارها الاقتصادي والسياسي والأمني، ومن هنا صار أي حديث عن مصالح عراقية ترتبط بأمريكا مجرد هراء.
ويبقى السؤال الواقعي الأهم، ما هي فائدة الصداقة مع أمريكا حين لا يستطيع العراقي الحصول على (فيزا) تسمح له بدخول أمريكا لأغراض السياحة أو التجارة أو العلاج، ولا حتى لأجل الصلاة في كنيسة؟. ومن يستطيع الجواب على هذا السؤال سنقول له: نعم توجد فائدة من الصداقة العراقية الأمريكية.
#شبكة_انفو_بلس