(العراق على الصامت) وسط حراك عالمي للتحرر من الهيمنة
من هنا ينبغي على العراق متابعة قمة دول (بريكس)، وهي الدول الاعلى نمواً في العالم، والتي ستجتمع في جنوب افريقيا خلال الفترة القادمة بهدف تأسيس عملة تجارية عالمية تكون موازية للدولار، وهو ما يعني خلق محور مالي جديد سيساعد كثيراً دول مثل العراق على التحرر
كتب / سلام عادل
في حدود منطقتنا على الأقل تبدو السعودية وقطر متحمستان للعب دور الوسيط الدبلوماسي الساعي لحل الأزمات العالمية الكبرى، وجزء منها بالطبع أزمات المنطقة التي كانت السعودية وقطر اطرافها الرئيسية، وبشكل خاص الأزمات في لبنان وسوريا واليمن، وعلى رأسها ايران، ويشمل ذلك العراق.
وهو ما يعني أن الدول التي كانت في الأمس سبباً وراء إشعال الحرائق صارت اليوم تريد أن تلعب دور رجل الاطفاء، وهي دول مهمة في سوق المال والطاقة على أي حال، ما يجعل لها تأثيراً مباشراً على الوضع الاقتصادي العالمي، الأمر الذي يمنحها مساحة واسعة من التأثير، سيما وأن دوافع الصراع العالمي هذه الايام تنطلق من محركات اقتصادية بالدرجة الاساس.
وعموماً لم تتحول قطر والسعودية من حالة الغراب الى حالة الحمامة بتأثير اخلاقي ظهر فجأة في ضمائر الدولتين، وإنما وفق قراءة تؤكد قرب حصول متغيرات كبرى على المستوى العالمي، ستفرض على الغرب معادلة القبول بعودة الشرق كلاعب أساسي، بل والخضوع لإرادة الكتلة الشرقية إن لزم الأمر، وبالتالي تسعى دول ذيول الغرب، مثل قطر والسعودية، الى أن تستغل هذه المتغيرات لتتحول الى أقطاب شرقية.
وبلا شك يعتبر العراق في قلب المتغيرات العالمية الجارية حالياً، باعتبار أن موقعه الجغرافي على مفترق طرق بين الشرق والغرب يفرض عليه أن يكون في دائرة هذا الصراع، بل ويفرض عليه أن يكون لاعباً اساسياً لتصحيح حالته السياسية التي فُرضت عليه منذ عام 2003، حين تم تحويله الى فناء خلفي لعمليات المحور الغربي الذي جاء بالدبابات قبل 20 سنة، ومازال يتواجد في القواعد العسكرية في عموم منطقتنا.
وبالضرورة لن تدوم حالة الهيمنة الغربية على الشرق، وهو ما يكشفه الحراك الافريقي على الاقل، والمتمثل بدعوات التحرر من الهيمنة التي انطلقت من دول غرب افريقيا التي تعيش حالة هيمنة تتشابه الى حد مع حالة دول غرب آسيا، ما يجعل الحراك في دول مثل نيجيريا وبوركينافاسو مقدمة لحراك آخر سيظهر بالضرورة من العراق وسوريا ولبنان.
وبحسب تقسيمات الأمم المتحدة يندرج محور الدول الغربية ضمن تقسيم يطلق عليه (دول الشمال)، مقابل محور دور الشرق الذي يطلق عليه (دول الجنوب)، أو بتعبيرات اخرى (الدول النامية) او (دول العالم الثالث)، التي يراد لها أن تبقى مجرد آبار منتجة للنفط الخام والغاز والمعادن، وسوقا استهلاكية كبرى للسلاح والبضائع ليس لها حتى الاعتراض في مجلس الأمن.
ولعل القدرات الكبرى التي تمتلكها دول روسيا والصين مع جميع أعضاء دول منظمة شنغهاي للتعاون، التي تدفع باتجاه إعادة فرض مفهوم الحوكمة العالمية متعددة الاقطاب، ستبقى القدرات الأقدر على مساعدة دول الجنوب للتحرر من هيمنة دول الشمال وخلق التوازن العادل المطلوب، وهي فرصة تاريخية لن تعوَّض ينبغي على دول مثل العراق استغلالها والاستفادة منها.
ومن هنا ينبغي على العراق متابعة قمة دول (بريكس)، وهي الدول الاعلى نمواً في العالم، والتي ستجتمع في جنوب افريقيا خلال الفترة القادمة بهدف تأسيس عملة تجارية عالمية تكون موازية للدولار، وهو ما يعني خلق محور مالي جديد سيساعد كثيراً دول مثل العراق على التحرر من هيمنة الدولار على اسواقه التجارية، وهو ما يقود الى التحرر الاقتصادية من الهيمنة الامريكية.
وهذه كلها تعتبر مقدمات تفرض على العراق أن لا يبقى صامتاً وساكناً أمام الفرص القادمة، بقدر ما ينبغي عليه العمل على دفعها لتتحقق، ويكفي أن العراق موجود أصلاً على خارطة دول محور المقاومة، وهو المحور الذي يعول عليه كثيراً في عملية قلب الموازين والتوازنات، لتحقيق المتغير الاكبر الذي يصنع عالماً جديداً نشاهد فيه غروب الغرب وشروق الشرق.
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس