الفرق بين خطابات الشرق وخطابات الغرب في الجمعية العامة للأمم المتحدة
لابد في البداية، قبل الدخول في مضامين الخطابات الرئاسية، الإشارة الى تنامي الموجة العالمية الداعية الى إعادة ترتيب مجلس الأمن، بما يتناسب مع ميزان العدالة، وذلك من خلال توسعة عدد مقاعد للأعضاء الدائمين، الأمر الذي يسمح بدخول ممثلين عن قارة أفريقيا المحرومة
كتب / سلام عادل
أظهر اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة حجم الفوارق في التفكير والتوجهات بين أقطاب العالم، الذين اجتمعوا في نيويورك للتعبير عن أفكارهم وشرح سياساتهم وتصوراتهم الداخلية والخارجية، ومن بين أبرز ما يمكن الاهتمام به خطابات المواجهة التي تصدى لها رؤساء أفريقيا وآسيا أمام رؤساء أمريكا وأوروبا.
ولابد في البداية، قبل الدخول في مضامين الخطابات الرئاسية، الإشارة الى تنامي الموجة العالمية الداعية الى إعادة ترتيب مجلس الأمن، بما يتناسب مع ميزان العدالة، وذلك من خلال توسعة عدد مقاعد للأعضاء الدائمين، الأمر الذي يسمح بدخول ممثلين عن قارة أفريقيا المحرومة تماماً من حق التمثيل، فضلاً عن زيادة مقاعد قارة آسيا الكبرى.
ولعل خطاب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الخاص بهذا المطلب، يمثل الرؤية المنطقية التي ينبغي أن يكون عليها حال مجال مجلس الأمن، وذلك حين قال إن "العالم أكبر من خمسة"، ويقصد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وهم (أمريكا + بريطانيا + فرنسا + الصين + روسيا)، وهذه الدول في الغالب تمثل الأطراف المنتصرة في الحروب العالمية السابقة.
والمطالبة بتصحيح ميزان النظام الدولي تصدرت أيضاً خطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي قال إن "بلاده ناضلت، ومنذ نحو 50 سنة خلت، ومن هذا المنبر الأممي، من أجل إصلاح مكامن الخلل في النظام الدولي الحالي، من خلال دعوتها إلى نظام دولي جديد تكون فيه المساواة بين الدول، وهي المبادئ التي كانت قد تأسست من أجلها منظمة الأمم المتحدة".
ولا شك من كون أبرز تحديات العالم اليوم هو الانفراد الإمبريالي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الامريكية، والذي يوصف عادة بحاكمية القطب الواحد، والذي ساد منذ بداية التسعينيات وحتى اليوم، ولم ينتج عنه غير الكثير من الحروب والأزمات الاقتصادية وانعدام الاستقرار، وضياع فرص السلام بين الشعوب المتخاصمة ما أدى الى إضعاف دور الأمم المتحدة في حل القضايا، وعلى رأس ذلك حل القضية الفلسطينية.
ولذلك صارت الدعوات المنادية بضرورة التوجه نحو عالم متعدد الأقطاب، تكون فيه الحاكمية مشتركة بين دول الشرق والغرب والشمال والجنوب، هي الفكرة الأكثر مقبولية لتصحيح مسار النظام الدولي، الأمر الذي قد يقود الكوكب الى عصر جديد من الأمن والأمان بعد كل ما مر به العالم من كوارث، خصوصاً بعد موجة الإرهاب الدولي.
ومن هنا يعتبر توجيه كلمات نقد لاذعة، في هذا المحفل الدولي، بوجه الولايات المتحدة الامريكية، حاجة ضرورية، باعتبار أن واشنطن تتحمل المسؤولية الكاملة عن غالبية الإخفاقات والأزمات والكوارث التي مر بها العالم خلال الربع قرن الماضي، وهي المهمة التي تولى مسؤوليتها الرئيس الإيراني السيد إبرهيم رئيسي الذي واجه امريكا بحقيقة "السلوك المتغطرس" الذي تمارسه تجاه الشعوب الأخرى.
وفي الوقت نفسه دعا الرئيس الايراني الى النظر بجدية الى الانحرافات التي باتت تهدد الفطرة البشرية، ويتمثل ذلك بمخاطر الابتعاد عن مفهوم العائلة، باعتبار أن العائلة نظام اجتماعي عاقل حافظ على الوجود البشري على مدار القرون، وخلق شراكة تاريخية ناجحة على قاعدة التكامل بين الرجل والمرأة رغم الفروقات بين الجنسين.
ولكن في مقابل خطابات رؤساء الشرق، الذين سعوا إلى تنبيه العالم حول مجموعة من المخاطر التي تحيط به، لم نسمع من الرئيس الامريكي جو بايدن الذي تتزعم بلاده محور الغرب غير جملة من المشاكل المتعددة الأشكال والتي ظهرت بالدرجة الأساس نتيجة النظام الرأسمالي المنفلت والليبرالية الرمادية المفرغة من القيم والأخلاق.
ولهذا سمعنا الرئيس الامريكي يتحدث عن مجموعة تحديات انتجتها بلاده بالدرجة الاساس، مثل مرض الايدز، وعجز البنوك، والأنانية، والشراهة النووية، والتدخل في شؤون الدول، وهي بمجموعها أمراض هذا العصر التي صُنعت في أمريكا (Made In USA).
#شبكة_انفو_بلس