المعاني في شعار (أبوا هذه المقاومة)
جرى في العُرف السائد للمؤرخين الإشارة إلى وجود (أباء مؤسِّسين) لكل مرحلة انتقالية في حياة الشعوب، تكون بارزة ومهمة ومؤثرة لدرجة تشكل منعطفاً تاريخياً، وهو ما حصل مع مطلع القرن الحالي على يد (قادة النصر)، اللذَين تُحسب لهما التأسيسات المتعلقة بمنهج المقاومة
كتب / سلام عادل
أطلق أنصار (قادة النصر) في العراق شعاراً بذكرى مرور أربع سنوات على استشهادهما، تضمن فكرة أساسية تؤكد على الدور الريادي المرتبط ببناء الفصائل الممتدة على كامل الرقعة الجغرافية في دول منطقة الشرق الأوسط، والتي برز دورها في مواجهة سلسلة مخططات الهيمنة والاحتلال، وبالدرجة الأساس مختلف أنواع الجماعات الإرهابية، على رأسها تنظيم داعش بالطبع.
وجرى في العُرف السائد للمؤرخين الإشارة إلى وجود (أباء مؤسِّسين) لكل مرحلة انتقالية في حياة الشعوب، تكون بارزة ومهمة ومؤثرة لدرجة تشكل منعطفاً تاريخياً، وهو ما حصل مع مطلع القرن الحالي على يد (قادة النصر)، اللذَين تُحسب لهما التأسيسات المتعلقة بمنهج المقاومة، بأبعاده الفكرية والسياسية والاقتصادية وما يرتبط بعناصر القوة اللازمة.
ولا يخفى على أحد، وفق المعطيات الواقعية، وجود كم هائل من المؤسسات في مختلف التخصصات مملوكة وتابعة للفصائل، بما فيها المستشفيات والمدارس والجامعات والمصانع والشركات والمزارع، للدرجة التي خلقت شبكة واسعة ومترامية الأطراف ترتبط مع بعضها بدورة منافع متكاملة، الأمر الذي صار يتمثل بوجود هذا (المحور) الفاعل والمؤثر في المستويات كافة على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي.
ولعل مجرد النظر إلى أحداث ما يجري حالياً في المضايق البحرية وعموم عواصم المنطقة، وعلى منصات الأمم المتحدة تحديداً، وكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي كادت أن تتحول إلى مجرد ذكرى، وما يرتبط بها من تسوية ظالمة كادت أن تفرض معادلة التطبيع على الجميع، من دون أن يقابلها أي مكسب غير الخضوع والانبطاح، ألا أن تأسيسات المقاومة، التي كان بعضها مرئيّ والآخر تحت الأرض، قلبت كل التوقعات، ما يجعل (قادة النصر)،من دون أي شك، (قادة غزة).
وتستنتج جميع القراءات الاستراتيجية التي تصدر عن جهات صديقة، أو حتى عدوة، معطيات لا يمكن التغافل عنها حول فشل تقديرات قرار (ترامب) باغتيال قادة النصر في بغداد، داخل مطار مدني نفذته طائرة مسيرة أمريكية، لأن قرار الاغتيال جاء متأخراً جداً، وذلك لكون تأسيسات القادة، التي بنت هذا المحور المؤثر، قد بلغت مرحلة البلوغ، وهي الآن رحم كبير قادر على إنتاج آلاف القادة الأذكياء من ذوي الهمم العالية.
وعليه تبدو تطبيقات الآية القرآنية (ولا تقولوا لمَن يُقتل في سبيل الله أمواتٌ بل أحياءٌ ولكن لا تشعرون) ماثلةً تماماً في حقيقة بقاء ودوام (قادة النصر) في هذه الحياة، ليس من جانب وجودهم كصور ملصقة على الجدران في كل مكان، ولا كأسماء يتم تداولها رغم أشكال الحظر الإلكتروني كافة، وإنما بقاء يتمثل باستمرار منهج المقاومة وتنامي اتّباعه وأنصاره وتأثيراته، ولهذا لم يقتل الأمريكان (قادة النص) بل أحيَوهم فينا.
ومن هنا تتكون العديد من التفسيرات الخاصة بمعنى شعار (أبوا هذه المقاومة) من ناحية كون الاستشهاد يمثل أحد أكبر مغذيات البقاء الوجودي لهذه الأمة، ولدينا في سيرة استشهاد الإمام الحسين قاموس كامل يشرح هذا المعنى، ولهذا تخطئ التقديرات التي تعتقد بأن اغتيال وقتل القادة يؤدي للنهاية، بل العكس تماماً، لكونه يقود لبداية أخرى، وهي بالتالي ديناميكية تجديد دائم أبقت هذه الأمة على قيد الحياة عبر مختلف عصور القهر والاستبداد والإبادات الجماعية.
أبوا_هذه_المقاومة
#شبكة_انفو_بلس