بعض التفاصيل عن ضجيج (جداول الموازنة)
على الرغم من ضرورة أن يصادق البرلمان على (جداول الموازنة)، ولكن البرلمان في نفس الوقت ليس شركة حسابات، ولا ينبغي على أعضاء المجلس مسك حاسبة رقمية للخروج بنتائج صحيحة، كما أن الموازنة أصلاً لا تعني الاقتصاد.
كتب / سلام عادل
يتطلب من مجلس النواب عقد جلسة من أجل التصويت والمصادقة على (جداول الموازنة)، الخاصة بالسنة الحالية، بعد أن صادق المجلس على موازنة ثلاثية للسنوات 2023، 2024، 2025، أخذت في حينها نقاشات واسعة، وتخللها جدل على الطريقة البيزنطية، واتضح فيما بعد أن النسخة المنشورة في جريدة الوقائع ليست مطابقة تماماً للنسخة التي تم التصويت عليها.
وهذا يُعد خللاً قانونياً كان ينبغي تحويله إلى المحكمة الاتحادية العليا، إلا أن (الطمطمة) فرضت نفسها بدافع تمشية مصالح جميع الأطراف، أو لنقُل برغبة الجميع لجعل السفينة تمضي في طريقها، وهي الحالة المعتادة في العراق الجديد منذ 21 سنة، لذلك يبدو الضجيج، الذي نسمعه هنا وهناك عبر الشاشات والمنصات الإعلامية، مجرد حديث عاطفي، إذا لم يكن ابتزازا للحكومة باعتبارها جهة الصرف الأساسية لمليارات الدولارات الواردة من بيع النفط.
وعلى الرغم من ضرورة أن يصادق البرلمان على (جداول الموازنة)، ولكن البرلمان في نفس الوقت ليس شركة حسابات، ولا ينبغي على أعضاء المجلس مسك حاسبة رقمية للخروج بنتائج صحيحة، كما أن الموازنة أصلاً لا تعني الاقتصاد، ولا تمثل بأي شكل من الأشكال التوجهات السياسية للقوى، لكون الأصل في الصرف مبني على المنهاج الحكومي الذي بموجبه حصلت الوزارة على الثقة، وعلى أساسه تم رسم برنامج تنفيذي.
وجداول الموازنة التي يتطلب المصادق عليها هي (6 جداول)، الأهم فيها هو (جدول الإنفاق بحسب الوزارات)، والقائم أساساً على حجم الإيرادات، ويتضح من جداول 2024 عدم وجود خطة لزيادة الإيرادات، حيث تم الاكتفاء بالنوايا فقط لغرض إيجاد قناعة بالقدرة على تقليل العجز، الأمر الذي يسمح بقبول فكرة زيادة الإنفاق.
ولعل ما يثير العجب هو نسبة الإنجاز الاستثماري في الوزارات لسنة 2023، والتي بدت هزيلة في بعضها، على سبيل المثال بلغت نسبة الإنجاز في وزارة الدفاع صفر %، من تخصيصات بلغت قرابة 2 ترليون دينار جرى صرف 18 ألف دينار فقط، ووزارة الخارجية صفر % من تخصيصات بلغت أكثر من 44 مليار دينار جرى صرف في حدود 42 ألف دينار فقط، وهو حال قد يكون مفرحاً، باعتبار أن هذه التخصيصات المالية لم يتم نهبها من تحت طاولة الفساد، لكنه أمر محزن لكونه يُعد مؤشراً على الفشل.
وبالتالي يبقى الحديث عن الجداول التي غادرت والجداول التي وصلت عبارة عن ركض داخل دائرة مغلقة، وفي الحقيقة لا جدوى من هذه الجداول غير الاستمرار بحالة (تبذير الأموال)، المعتادة في العراق الجديد، خصوصاً حين نعلم أن الدولة مستمرة بدفع فوائد سنوية لخمسين قرضاً، وهي (كلفة الدين)، من جهات داخلية وخارجية، من دون السعي لإنهاء هذه القروض، التي نسمع عن إنهائها عبر وسائل الإعلام، في حين تبقى في الأوراق الرسمية وكشوفات الصرف.
#شبكة_انفو_بلس