جرجرة إسرائيل إلى الفخ العراقي
سيعطي نتنياهو دفعة قوية لـ(وحدة الساحات)، بمجرد توجيه ضربة لمواقع وشخصيات عراقية، وسيفرض على العراق الانتقال من (جبهة الإسناد)، إلى (جبهة المواجهة)، باعتبار أن الدولة العراقية بالكامل ستتعرض إلى اعتداء
كتب / سلام عادل
شنّت إسرائيل عبر ماكنتها الإعلامية، حملة خلال الأيام الماضية، استخدمت فيها أدوات (الحرب النفسية)، أرادت من خلالها الضغط على الحكومة العراقية، بهدف عزل بغداد عن (جبهة الإسناد)، جراء الدور العراقي الكبير والمستمر في دعم لبنان وفلسطين منذ السابع من أكتوبر، وهو دور متميز يُحسب للعراق، وسط التواطؤ السائد في المنطقة مع الكيان.
ولكن على ما يبدو أن إسرائيل بدأت تأكل نفسها ابتداءً من دخولها في مرحلة الحسابات التكتيكية الخاطئة، حين فتحت جبهة مع لبنان قبل أن تحسم معركتها في غزة، ومن ثم الذهاب أبعد من حدودها نحو إيران، وهي صاحبة أكبر ترسانة صاروخية في العالم، مما سيجعل من تهديدات إسرائيل للعراق، خطوة انتحارية، كمن يرفع بندقية ليطلق الرصاص على نفسه، وذلك بحساب التدابير الكثيرة التي في متناول يد العراقيين.
ولعل مجرد القيام بإعادة قراءة المشهد العراقي في العشرين سنة الماضية، منها ما يتعلق بورطة 150 ألف جندي أمريكي غطسوا في الوحل العراقي لمدة ثماني سنوات، يتضح حجم الإمكانيات العراقية في حال دخلت البلاد في تحديات، إذا ما أضفنا تحديات الإرهاب، على رأسها القاعدة وداعش، والأخير تنظيم دولي متعدد الجنسيات تحرك وفق خطط مدروسة لابتلاع المنطقة بدعم كبير من أجهزة استخبارات مؤثرة، ومع ذلك فشل فشلاً ذريعاً.
ومن هنا يمكن اعتبار العراق فخاً كبيراً لإسرائيل، في حال قررت تل أبيب توجيه ضربات متعددة لمواقع عراقية عسكرية أو مدنية، من ناحية كون العراق جغرافيا كبيرة يصعب على إسرائيل تغطيتها بسلاح الجو فقط، نظراً للكلف العالية بهذا الخصوص، ومقارنة بما يمكن أن يترتب على ذلك من ردود أفعال عراقية، من بينها إعطاء دافع للفصائل العراقية أن تذهب إلى أبعد مما يمكن أن يُتصور، بما فيها كسر قواعد الاشتباك.
ومن هنا سيعطي نتنياهو دفعة قوية لـ(وحدة الساحات)، بمجرد توجيه ضربة لمواقع وشخصيات عراقية، وسيفرض على العراق الانتقال من (جبهة الإسناد)، إلى (جبهة المواجهة)، باعتبار أن الدولة العراقية بالكامل ستتعرض إلى اعتداء، وحينها سيدخل (العراق الدولة)، بكامل قدراته، في حرب مع الكيان مثلما حصل مع إيران ولبنان، وهي حالة ستزيد من أزمة إسرائيل على المستوى الدولي.
ويضاف إلى كل ذلك (حرب الطاقة)، وهي ورقة جرى التلويح بها في هذا النزاع بشكل علني، وقد تشمل عموم المنطقة، التي يصدر عنها ثلث الإنتاج النفطي وخمس إمدادات الغاز، وسط شتاء صعب يشهده العالم، وزاد الدب الروسي من قساوته، وهي ارتدادات ستحاصر إسرائيل من قبل حلفائها جميعاً، وتجعلها محل ملاحقة بإدانات متعددة الأطراف.
والجدير بالذكر في هذا السياق أن بغداد تلقت رسائل إيجابية من طهران تتيح لها الحصول على مختلف أنواع أسلحة الردع، يشمل ذلك فتح مخازن الصواريخ النوعية أمامها، ولدى العراق كوادر بشرية مستعدة للانخراط بجبهة متناسقة لتحضير كل ما يلزم، وبوقت استثنائي، سيكون أقصر مما تم الاحتياج له في حرب داعش حين انقلبت حالة الانكسار إلى معادلة نصر.
وفي حال بلغت التحديات ذروتها سيكون الجهاد فرض عين وليس كفائياً، وهو اندفاع مبرر مهدت له مرجعية النجف في اكثر من بيان وموقف صدر عنها في اوقات سابقة، وهي تقود أصلاً جهودا إغاثية كبيرة منذ اشهر، أزعجت إسرائيل، وقد تكون هذه الجهود الدافع وراء انفعالات نتنياهو ووزير خارجيته، سيما وان المرجعية الدينية العليا في النجف ترى في زوال إسرائيل الحل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة.
وينبغي التذكير هنا بأن مصدر فخر الجيش العراقي على مدار تاريخه أنه حارب إسرائيل في ثلاث حروب كبرى، ومصدر فخر الدولة العراقية أنها رافضة للتطبيع او السلام او الاعتراف بإسرائيل منذ سنة 1948، وعطفاً على ذلك ستنقلب المعادلة مع كل طائرة اسرائيلية تصل إلى سماء العراق، حيث سينطلق في المقابل صاروخ عراقي على اسرائيل، ومعه سيولد طفل عراقي مقاوم.
ولا ينبغي أن ننسى الظروف القيادية الجيدة، التي يشهدها العراق تحت إدارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي نجح إلى حد بعيد في صياغة سياسة تكاملية، ستشكل دافعاً حال اتخاذ قرارات بسقوف عالية، مشفوعة برضا غالبية فصائل المقاومة المتصدية في هذه المرحلة، وسط اغلبية برلمانية مريحة، ورئيس مجلس نواب ذي خلفية جهادية.
وفي الختام ..
التهديدات الاسرائيلية للعراق عبارة عن (حرب نفسية)، لأن إسرائيل ستنتحر لو فكرت أن تدخل في (حرب حقيقية) مع العراق، مثلما فشلت في حربها مع ايران، وينبغي على العراقيين التخطيط لحرب نفسية مضادة، باعتبار أن العراق (فخ)، وهو حين يتلقى أي ضربة من اسرائيل سوف يقول أبناؤه هذا (عيد وجابه العباس)، وسيستمع حينها نتنياهو لمن يقول له بصوت عال (لا تتماده انخبزك خبز العباس)، وهذا بعض من مواد هندسة الرأي العام في هذه المرحلة.
#شبكة_انفو_بلس