شبح الجولاني في سوريا

من هنا لا يبدو قاطع الرقاب مقنعاً لأحد بمجرد ارتدائه لربطة عنق، ولا حتى خطابه السياسي المصنوع بمطابخ أنقرة، باعتبار أن الدولة التركية الراعية لأحداث سوريا الأخيرة، والتي تحت ظل إدارة اردوغان، ليست النموذج الديمقراطي الذي يُحتذى به في المنطقة، وهي أصلاً فشل
كتب / سلام عادل
تعمل ماكنة الإخوان المسلمين بأقصى درجاتها هذه الأيام لتسويق (الإرهابي محمد الجولاني)، كرجل دولة في دمشق، وهو تبنٍّ يعيد للأذهان تجارب سابقة فشلت فشلاً ذريعاً، خصوصاً في أحداث الربيع العربي، الذي لم يقدم النموذج الديمقراطي المنشود رغم انخراط ست دول عربية فيه منذ ما يقرب على عشر سنوات، من بينهم سوريا بالطبع، فضلاً عن مصر وتونس وليبيا واليمن والسودان.
وكان حين اندلع الربيع العربي، الذي وُصف لاحقاً بالخريف العربي، أن تتم جرجرة بلدان اخرى لهذه الفوضى، يشمل ذلك العراق، الذي خرج من الدكتاتورية مبكراً في 2003، وخاض تجربته الخاصة نحو الديمقراطية، كانت مريرة وصعبة ورافقها الكثير من المعاناة، حتى وصل اخيراً إلى حالة الاستقرار السياسي والأمني منذ نحو سنتين تقريباً، وسط تفاؤل بمستقبل اكثر ازدهاراً ترافقه عملية تنمية وإعمار شامل تحتاجه البلاد بشدة.
ومن هنا لا يبدو قاطع الرقاب مقنعاً لأحد بمجرد ارتدائه لربطة عنق، ولا حتى خطابه السياسي المصنوع بمطابخ أنقرة، باعتبار أن الدولة التركية الراعية لأحداث سوريا الأخيرة، والتي تحت ظل إدارة اردوغان، ليست نموذجاً ديمقراطياً يحتذى به في المنطقة، وهي أصلاً فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة أزماتها السياسية الداخلية، على رأسها المشكلة الكردية، والتعددية السياسية الغائبة، وليس ببعيد عنا محاولة الانقلاب العسكري في سنة 2016.
ولهذا تبدو المتغيرات في سوريا مجرد مخطط للاستيلاء على السلطة، ستتبعه متغيرات عديدة اخرى، بلحاظ حصر المشهد بشخصية (بطل الفيلم)، الذي تحول من ذباح إلى فيلسوف بين ليلة وضحاها، فيما جرى عزل ما يزيد على مئة تجمّع ومنصة سياسية سورية منتشرة في عموم دول العالم، هؤلاء جميعاً يتساءلون عن مستقبل بلادهم أمام هيمنة تركيا من جانب وتغلغل إسرائيل من جانب آخر، وسط حفلات التصفيق لذوي الرايات السوداء والبيضاء، الذين لا تاريخ لهم غير العمل الارهابي المسلح.
وبالتالي يكون من حق دول الجوار أن تنظر بقلق كبير للمشهد السوري، الذي يديره شبح الجولاني بشخصية أحمد الشرع، ومن خلفه دولتان لديهما طموحات تستهدف كسر حدود الدول وابتلاع الجغرافيات بخلفيات عقائدية وأيدولوجية، كما ليس من بين اهدافهما تحقيق الأمن والاستقرار وترسيخ قيم العدالة والتعايش بين الأقليات.