عن (بغداد) التي استرخصت نفسها
بالفعل، حين نستعيد ذكريات التعذيب في سجن أبو غريب، يتأكد لنا حجم الرخص والاسترخاص للمواطن العراقي بنظر الأمريكان، سيما وأن اعترافات جنود التعذيب، الذين مارسوا السادية والهوس المرضي على آلاف العراقيين المعتقلين، وكان اعتقال 90% منهم بجنحة الشبهة.
كتب / سلام عادل
حين سكتت بغداد مئات المرات عن الاعتداءات الأمريكية، بما فيها جرائم الاغتيالات والقصف الممنهج لحراس البلاد، على رأسهم بالطبع (قادة النصر)، صار العراق بنظر واشنطن مجرد (زريبة) لا معنى لحياة الحيوانات التي فيها، بل ولا قيمة لها غير كونها حيوانات مُعَدَّة للذبح متى ما شاء الذبّاح، سواء لأغراض تجارية تتناسب مع مصالحه، او حتى لأغراض التسلية في بعض الأحيان، وهو ما حصل منذ جرائم سجن أبو غريب.
وبالفعل، حين نستعيد ذكريات التعذيب في سجن أبو غريب، يتأكد لنا حجم الرخص والاسترخاص للمواطن العراقي بنظر الأمريكان، سيما وأن اعترافات جنود التعذيب، الذين مارسوا السادية والهوس المرضي على آلاف العراقيين المعتقلين، وكان اعتقال 90% منهم بجنحة الشبهة، ما هو إلا شهادة مازالت حية، بدليل عدم تعويض الضحايا عما لحق بهم رغم مرور 20 سنة على تلك الحوادث الاجرامية، التي وقعت تحت علم الولايات المتحدة من قبل مجندين ومجندات يحملون الجنسية الأمريكية.
ولطالما اعتدت الولايات المتحدة على العراقيين بذريعة الرد على ما يتعرض له جنودها المتواجدون على الأراضي العراقية، باعتبار أن الدم الأمريكي من النوع الثمين، فيما لا قيمة للدم العراقي الرخيص، خصوصاً في ظل اكتفاء حكومات المنطقة الخضراء بالتنديد الخجول عبر بيانات لا تكلف غير سطرين من الإنشاء الممل، وصار مؤخراً تجري إدانة العراقيين بدل الأمريكان، بل وحتى التبرع لحماية القواعد الأمريكية.
ووصل الحال أن تصدر بيانات (رمادية الموقف) عن بعض القوى السياسية المشتركة في السلطة والبرلمان، ساوت بين الأجنبي المحتل والوطني المقاوم، كنوعية البيانات التي صدرت عندما تعرض مركز لصناعة الأوكسجين تابع للحشد في محافظة بابل إلى قصف بطائرات امريكية مسيرة، ارتقى جراءه شهيد مع جرح عدة اشخاص، وكان مضمون البيانات قد انطوى على إدانة للعراقيين الوطنيين، وهو ما يمثل أعلى حالات الانتهازية السياسية.
ومن هنا تبدو (بغداد) رخيصةً ومسترخصة لنفسها حين تقبل الخنوع والذل الذي هي فيه الآن، والذي يشمل تنازلها عن أبسط حقوق السيادة التي يكفلها النظام الدولي، مقارنةً مع دول اخرى جعلت كرامتها فوق أي مصلحة، كالذي يحصل في (اليمن) اليوم، والذي كان محاصراً في 2015، فيما صار هو مَن يحاصر في 2023، من دون أن يرتجف او يخاف من ترسانة امريكا وجنودها الذين يستخفون بدماء الناس.
وبالتالي، لا قيمة لأي حكومة تتشكل في بغداد، ولا أي إنجازات لها، في حال كانت السيادة غائبة، وحين لا يتم كتابة جملة واضحة على جواز السفر العراقي تفرض حماية حامله، مثلما مكتوب على جوار السفر الأمريكي، أن حامل هذا الجواز "تحت حماية الولايات المتحدة فوق أي أرض وتحت أي سماء"، او تلك الجملة المكتوبة على الجواز البريطاني "تقاتل المملكة حتى آخر جندي لديها من أجل حامل هذا الجواز".
وفي الختام .. مازالت دماء قرابة ثلاثة ملايين عراقي سقطوا جراء الحملات العسكرية الأمريكية تنتظر حساباً وعقاباً، وهي في رقبة أي حكومة عراقية تدّعي أنها (مسؤولة)، ومازالت دماء (قادة النصر) التي سالت على مطار بغداد تراقب كل مَن يسكن قصور المنطقة الخضراء بجوار سفارة واشنطن، التي لم يعد هناك معنى لبقائها في البلاد، لكونها سفارة أعداء وليست أصدقاء.
#أبوا_هذه_المقاومة
#شبكة_انفو_بلس