عودة السندباد من بوابة ميناء الفاو الكبير
باكتمال المرحلة الأولى من الأرصفة، والتي عددها خمسة، يكون العراق قد فتح بوابة طريق التنمية، الذي يعد بمثابة المشروع الاستراتيجي العراقي القادم، والشريان الاقتصادي الجديد، الذي سيضيف للبلد موارد أخرى رديفة للنفط
كتب / سلام عادل
دشن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الخميس، المرحلة الأولى من ميناء الفاو الكبير، بعد سنوات من الجدل والنقاشات، التي أكلت من عمر البلد قرابة 14 سنة، كانت أغلبها صراعات غير عملية وغير نافعة، باستثناء السنتين الأخيرتين، التي تحول فيهما مشروع الميناء إلى حقيقة، بعد أن كان مجرد حبر على ورق.
وينضم ميناء الفاو الكبير إلى أربعة موانئ أخرى تقع جميعها في محافظة البصرة جنوبي العراق، وسيكون هذا الميناء العملاق بمثابة خط النقل العالمي، الذي ينطوي على أمكانية ربط جنوب العالم مع شماله، وشرقه مع غربه، باعتباره أقرب نقطة بحرية إلى الخطوط البرية الناقلة بين آسيا وأوروبا، علاوة على قصر المسافة والزمن التي تحتاجها في العادة عمليات شحن البضائع والنقل بكافة أشكاله.
وباكتمال المرحلة الاولى من الأرصفة، والتي عددها خمسة، يكون العراق قد فتح بوابة طريق التنمية، الذي يعد بمثابة المشروع الاستراتيجي العراقي القادم، والشريان الاقتصادي الجديد، الذي سيضيف للبلد موارد اخرى رديفة للنفط، فضلاً عن خلق آلاف الوظائف وفرص العمل، وهي جميعها خطط ستضع قدم العراق في المستقبل.
ويعتبر العراق من البلدان التاريخية في سوق النقل والتجارة، ويعود ذلك إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، حين خاض السكان العراقيون القدماء غمار البحار، وبنوا أول السفن الشراعية، ورويت عنهم في ذلك مختلف أنواع الأساطير، ابتداءً من العهد السومري ومروراً بمرحلة (طريق الحرير)، حين أصبحت فيها بلاد ما بين النهرين نقطة التلاقي بين الحضارات الصينية والهندية والرومانية، التي أرست قواعد العصر الحديث.
وحتى العصور الإسلامية المتوسطة استمر العراق يتميز على نحو خاص بحركة النقل والتجارة البحرية والنهرية والبرية، ولعل (قصة مغامرات السندباد)، المدرجة ضمن فصول (حكايات ألف ليلة وليلة)، تبقى شاهداً على المخيال الأدبي، الذي انشغل بهذا النوع من الموضوعات، باعتبارها من المحركات الرئيسية في حياة الناس والمجتمع.
ومن هنا ظهرت الحاجة مجدداً في العراق الجديد إلى إعادة إحياء مكامن القوة والتميز في العراق التاريخي، يتمثل ذلك بطريق التنمية، الذي تعمل على تنفيذه حكومة محمد شياع السوداني، والذي تسعى من خلاله إلى إعادة إحياء (طريق الحرير)، وملحقات هذا الطريق المتمثلة بخطوط النقل البرية السريعة وسكك الحديد والمطارات والموانئ الكبرى، وهو ما بات يُشعرنا بأن السندباد عاد مجدداً إلى خليج البصرة.