قريباً .. تكتُّل عالمي يسعى لإحالة الدولار إلى التقاعد
على أجندة اجتماع (دول بريكس) اقتراح خلق عملة تجارية عالمية جديدة لأغراض التجارة، تكون محل ثقة، وتستطيع منافسة الدولار، وحتى، ربما، إزاحة الدولار نهائياً عن العرش وإحالته الى التقاعد.
كتب / سلام عادل
بعد أيام قليلة سوف يجتمع في عاصمة جنوب أفريقيا (تكتل دول بريكس)، وهو أكبر تجمع يمتلك قدرات اقتصادية وجغرافية وبشرية بمقدوره مواجهة (تكتل الدول الصناعية السبع الكبرى) المعروفة اختصاراً بدول تكتل (G7).
وعلى أجندة اجتماع (دول بريكس) اقتراح خلق عملة تجارية عالمية جديدة لأغراض التجارة، تكون محل ثقة، وتستطيع منافسة الدولار، وحتى، ربما، إزاحة الدولار نهائياً عن العرش وإحالته الى التقاعد.
ويتكون (تكتل بريكس / BRICS) من عضوية الدول الأسرع نمواً اقتصادياً في العالم، وهي (البرازيل + روسيا + الهند + الصين + جنوب افريقيا)، وسبق أن تشكل هذا التكتل في عام 2008، وهو يستحوذ على 40% من المساحة الجغرافية العالمية، فضلاً عن 40% من سكان العالم، إضافة الى 40% من الانتاج العالمي، ويتوزع أعضاء التكتل في ثلاث قارات مهمة تشكل محور دول جنوب الكرة الارضية، في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية.
وعلى أجندة اجتماع (بريكس) الذي سينعقد بعد أيام طلبات بالانضمام للتكتل تقدمت بها 22 دولة، من بينها دول عربية على رأسها مصر والجزائر، الأمر الذي سيوسّع قاعدة نفوذ هذا التكتل، ويجعل منه إطاراً جامعاً يكون بمقدوره إعادة ترتيب حركة الاقتصاد العالمي، وفرض معادلات تجارية جديدة يكون محورها عملة جديدة لأغراض التبادل التجاري.
ومن المتوقع أن تكون العملة البديلة عن الدولار هي (اليوان الصيني)، أو (الروبية الهندية)، أو حتى عملة جديدة مبتكرة، أو ربما (الروبل الروسي)، سيما وأن الروس يبدو أنهم قد أنجزوا نظاما جديداً للتبادل المالي والحوالات أطلقوا عليه اسم نظام (مير)، سيكون بديلاً لنظام (سويفت) الامريكي الذي يتم من خلاله تسيير حركة الدولار في العالم، وهو نظام استخباري بالدرجة الاساس، وبات مؤخراً عبارة عن سلاح سياسي بيد الإدارة الامريكية.
وعلى خلفية هيمنة الدولار على الاسواق العالمية، الذي يعني في المحصلة هيمنة الإدارة الامريكية على اقتصاديات الدول، تسعى (دول بريكس) الى التحرر من هذه الهيمنة، من خلال تبني عملة للتبادلات التجارية تكون محل ثقة ومدعومة من التكتل، الذي صار يفرض نفسه بحكم قدراته الكبيرة على الانتاج والتبادل التجاري.
وفي لغة الاقتصاد العالمي تعتمد التبادلات التجارية عادة على عملة تكون محل ثقة لإجراء المعاملات، او بمعنى آخر عملة مضمونة ومسنودة من قبل دولتها الأم، وهو ما توفر في الدولار على مدار الخمسين سنة الماضية، بحكم قوة النمو الاقتصادي الامريكي، وقدرات الانتاج الامريكي.
ولكن هذا لا يعني سيادة الدولار الى الابد على التبادلات التجارية، باعتبار أن دولا اخرى سبقت الولايات المتحدة في القدرات الاقتصادية، وكانت لها صولات وجولات، ولكن تراجعت وضعفت عملاتها في نهاية المطاف، مثل العملة البريطانية (الجنيه الاسترليني)، وكذلك (الفرنك) الفرنسي، وايضاً (المارك) الالماني، وحتى (الخلدن) الهولندي، وهذا يعني أن العملات تمر بدورة حياة ثم تموت.
وهو ما يعني أن هيمنة عملة بعينها على التجارة العالمية الى الابد ليس بالامكان حصوله، بل هو حالة خيالية، في ظل المتغيرات التي تتسبب بإسقاط عملة مقابل صعود عملة اخرى، وهو تنافس طبيعي يرتبط بالسياسات الاقتصادية للدول، وكذلك مدى الاسناد الذي تحظى به العملة وفق قاعدة الذهب، ولذلك يبدو الدولار الأقرب للسقوط لكونه غير مسنود بالذهب أصلاً، فهو إن قام وإن قعد عبارة عن عملة ورقية مطبوعة في امريكا لا قيمة لها غير الحبر والورق.
ومن هنا تبدو حاجة العراق الى متابعة اجتماع (تكتل دول بريكس) ضرورية للغاية، باعتبار أن العراق أصلاً ينتمي بحسب موقعه الجغرافي الى دول جنوب العالم، علاوة على كونه يرتبط تجارياً بالأسواق الآسيوية التي تعتبر المشتري الاكبر للنفط العراقي، حيث تعتبر الهند اكبر مشتري النفط الخام العراقي، ومن بعدها الصين، والدولتان عضوتان في (تكتل بريكس).
وبالتالي يكون من العبث الاقتصادي بقاء العراق خارج (تكتل بريكس)، ومن العبث اكثر بقاء العراق ضمن دائرة الدولار، في الوقت الذي يحصل فيه على 80% من وارداته من اسواق دول بريكس، وكل هذا يحصل في ظل قرب إحالة الدولار الى التقاعد.
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++