ماذا يفعل الأمريكان في البنك المركزي العراقي..؟
لا يسمح البنك المركزي بأي تدخلات في عمله من قبل السلطات الثلاث في الدولة، بحجة أنه مؤسسة مستقلة وفق القانون، إلا أنه يفرّط بهذه الاستقلالية أمام التدخلات الدولية، وخصوصة الانبطاح الكامل أمام وزارة الخزانة الامريكية.
كتب/ سلام عادل
يتهامس موظفو الدولة في الطبقات الإدارية العليا فيما بينهم حول موضوع تدخلات الأمريكان بشكل فاضح في إدارة البنك المركزي، لدرجة تصل إلى تواجد بعضهم داخل مبنى البنك بين فترة وأخرى، وبالزيّ العسكري حتى، الأمر الذي يفتح الباب أمام تساؤلات لا حصر لها حول استقلالية البنك المركزي كمؤسسة دولة، وحول دوره كمرجعية مالية راعية للسياسة النقدية وأمينة على خزائن البلاد الوطنية.
ولا يسمح البنك المركزي بأي تدخلات في عمله من قبل السلطات الثلاث في الدولة، بحجة أنه مؤسسة مستقلة وفق القانون، إلا أنه يفرّط بهذه الاستقلالية أمام التدخلات الدولية، وخصوصة الانبطاح الكامل أمام وزارة الخزانة الامريكية، التي صارت تقوم بإصدار فرمانات عقابية بصورة دورية تطال مصارف وشركات ومؤسسات عراقية، بما فيها شخصيات سياسية وموظفين ورجال أعمال، ويشمل ذلك أشخاصا يتمتعون بالحصانة القانونية والدبلوماسية، من بينهم نواب عن الشعب في البرلمان.
وعلى الرغم من كون البنوك المركزية للدول كافة بالأصل تتمتع بالحصانة الدولية في رسم سياستها النقدية، وهي حُرة في تعاملاتها المالية وتشريع لوائحها الداخلية، ولكن البنك المركزي العراقي، ومنذ عام 2003، بات وكأنها مصرف تابع لإحدى الولايات المتحدة الامريكية، وأن لا همَّ له، ولا وظيفة يقوم بها غير لعب دور (الشرطي الأمريكي) على العراقيين وأموالهم ومصالحهم التجارية والاقتصادية، سواء القطاع العام الذي تُديره الحكومة أو القطاع الخاص المملوك للأهالي.
ومن هنا صار البنك المركزي العراقي يتجاوز على مواد دستورية واضحة حين يقوم بتنفيذ عقوبات الخزانة الامريكية، باعتبار أن الدستور العراقي يحفظ للمواطنين جميعاً حقوقاً مدنية، من بينها ما جاء في (المادة 23/ أولا وثانيا) التي أكدت على كون الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز نزع الملكية إلا لأغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل، وهو ما يجعل الاستجابة لقرار الخزانة الأمريكية بتجميد أموال وأصول مواطنين عراقيين يتقاطع مع هذه المواد.
والحال يشمل العقوبات التي تستهدف شركات واستثمارات عراقية خاصة، حيث يكفل الدستور العراقي النافذ، والذي ينبغي أن يلتزم به البنك المركزي بالكامل، حماية الاستثمارات وكل ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعراقيين، حتى لو تعارضت هذه الحقوق مع تصورات الإدارة الأمريكية، من ناحية كون أمريكا تفرض عقوبات على دول صديقة للعراق، باعتبار أن العراق والعراقيين ليسوا مُلزمَيْنِ بتبنّي خزعبلات البيت الأبيض.
وفي الختام.. لا يعتبر البنك المركزي العراقي جناحاً عسكرياً تابعاً لقواعد يتواجد فيها التحالف الدولي حتى يتم السماح للأمريكان بالتحرك داخله، ولا هو ملحقية دبلوماسية يمكن أن يُتاح فيها لطواقم دولة أجنبية أن تتصرف وتجتمع وتصدر قرارات وتتابع سير أعمال، فهو في النهاية مؤسسة عراقية صرفة عليها أن تحرص على أموال البلد مصالح ومواطنيه، وليس أموال ومصالح دول أخرى.
#شبكة_انفو_بلس