متغيرات المعادلة السياسية في الموصل
لهذا يبدو أن المتغير الأبرز في الموصل، ما بعد الانتخابات، هو التحول الذي سيقود إلى نقل مركزية القرارات المتعلقة بالمحافظة من عاصمة الإقليم إلى العاصمة الاتحادية، بعد أن ظلَّت تبعيةَ المحافظة لقوى الإقليم محسوسةً وملموسة على مدار سنوات.
كتب / سلام عادل
قلبت المباحثات السياسية في الموصل جميع التوقعات التي كان يجري تسويقها قبل الانتخابات المحلية التي جرت في 10-10-2023، وهي تفاهمات نتج عنها انتخاب محافظ ونائبين له، فضلاً عن انتخاب رئيس مجلس المحافظة ونائبه، على الرغم من كون الاختيارات ولَّدت خيبة أمل لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني، باعتباره كان يسعى إلى جعل نينوى منقادة إلى أربيل في جميع شؤونها.
ولهذا يبدو أن المتغير الأبرز في الموصل، ما بعد الانتخابات، هو التحول الذي سيقود إلى نقل مركزية القرارات المتعلقة بالمحافظة من عاصمة الإقليم إلى العاصمة الاتحادية، بعد أن ظلَّت تبعيةَ المحافظة لقوى الإقليم محسوسةً وملموسة على مدار سنوات، وتسببت حتى بإحداث تغيير ديموغرافي غيَّرَ شيئاً من النسيج الاجتماعي الفاعل في مركز المحافظة وضواحيها، وفرض ولاءات على آخرين بقوة الإغراءات أحياناً أو بقوة السلاح في أحيان أخرى.
ومن هنا يبدو أن الحراك السياسي الذي غيّر مسارات الإدارة في المحافظة حراكاً يمتلك الكثير من الذكاء السياسي، أو بعبارة أخرى القدرة على بناء التحالفات بمرونة رغم صلابة أطرافها واختلاف توجهاتهم، مع كون هذه التحالفات تعتبر (حجر عثرة) بنظر الحزب الديمقراطي الكردستاني، ويبدو أن صاحب الحجر هو رئيس حركة بابليون الشيخ ريان الكلدان، فهو في كل الأحوال يظهر في الصورة على نحو بارز بكونه مهندس التوافقات التي ربطت الأطراف والكتل الفائزة في الانتخابات.
ونزلت حركة بابليون في الانتخابات المحلية في محافظة نينوى تحت يافطة (حزب الهوية الوطنية)، وتمكنت من الفوز بمقعدين ظفرت من خلالهما بمنصب النائب الفني لمحافظ نينوى، بفضل رافعة التحالف التي صممها رئيس بابليون، والتي اجتمعت تحت سقف تحالف نينوى المستقبل المتكون من 17 عضواً من أعضاء المجلس، انضم لهم حزب تجديد لاحقاً، والفائز مروان الزيدان أيضاً، الأمر الذي جعل الثقل الأكبر في كفة هذا التحالف الذي بدأ حراكه الأولي بالتواصل مع بغداد.
وعلى أساس هذه الخريطة سيسير قطار السلطة المحلية في الموصل للسنوات الأربع القادمة، مع الأخذ بعين الاعتبار نهاية العديد من المخططات التي كان يجري الترويج لها، من بينها الانفصال المناطقي لأقضية ونواحي المحافظة بناءً على أسس قومية ودينية، بما فيها إلحاق بعض المساحات بالإقليم والتبرع بأخرى لمحافظات مجاورة، وهو واقع يُراد منه إضعاف النفس الوحدوي داخل الدولة عموماً، مقابل تنمية النزعة الانفصالية التي باتت تخسر كل شيء مؤخراً، لكونها بالأصل كانت مشروعاً فاشلاً لا يناسب العراقيين، وعليه يبدو أن الموصل العراقية صارت تستعيد أنفاسها.