محاولة البحث عن "الشخطة" التي على حائط السفارة
مع ذلك مازالت تصريحات الدولة تتوعد أطرافاً شبحية بملاحقات قانونية، باعتبارها ارتكبت أفعالاً إرهابية تهدد أمن وسلامة البلاد، مع أن دماء ما يقرب على 15 شهيداً عراقياً لم تجف بعد، وهم جميعهم من المرابطين في الثغور
كتب / سلام عادل
ليس بدافع الجدّية نبحث منذ أيام عن (الشخطة) التي خلّفها القصف الذي طال السفارة الأمريكية في بغداد، وإنما بدافع السخرية والاستهزاء والاستخفاف بكل المواقف الرسمية التي صدرت وهي تندد باستهداف البعثات الدبلوماسية، وذلك لكون السفارات والبعثات لم تتعرض إلى أي ضرر، ولم ينجم عن المقذوفات التي جرى إطلاقها على المنطقة الخضراء أي أضرار بشرية أو مادية.
ومع ذلك مازالت تصريحات الدولة تتوعد أطرافاً شبحية بملاحقات قانونية، باعتبارها ارتكبت أفعالاً إرهابية تهدد أمن وسلامة البلاد، مع أن دماء ما يقرب على 15 شهيداً عراقياً لم تجف بعد، وهم جميعهم من المرابطين في الثغور، وينتمون للحشد، جرى قصفهم بدم بارد بواسطة طائرات أمريكية أعلنت قيادة (العزم الصلب) مسؤوليتها عنه، وهي قيادة تتخذ من القواعد العسكرية العراقية مقراً لها، وترتبط بغرفة العمليات المشتركة التي تمولها خزينة الدولة من واردات النفط.
والأكثر استهجاناً في الموضوع أن الموقف الحكومي الرسمي ندّد على نحو خجول بالقصف الأمريكي الذي سالت بسببه دماء عراقية، ولم تكلف الدولة نفسها حتى رفع شكوى لدى الأمم المتحدة، فيما صدّعت واجهات الدولة الإعلامية رؤوسنا بالوهم الذي طال السفارات واستهدف البعثات، ولا أحد حتى اللحظة شاهد جريحاً دبلوماسياً ولا حتى (شخطة) على الحائط، وسط افتراض أن المقذوفات قد طالت السفارات.
وتسببت العمليات العسكرية الأمريكية في العراق، خلال الـ20 سنة الماضية، بسقوط ما يقرب على 3 ملايين عراقي جراء العمليات الحربية المباشرة، أو ما نتج عنها من أعمال عنف وانفلات أمني، ومع ذلك سكتت الحكومات المتعاقبة عن هذا النزيف الهائل، ولم تفكر حتى بتدوين أسماء الضحايا على نصب تذكاري، كما يحصل عادةً بعد انتهاء الاحتلالات والحروب المدمرة، وهو ما جعل الإنسان العراقي رخيصاً أمام أنظار العالم، فضلاً عن سيادة البلاد وكرامتها.
ومن هنا باتت البكائيات الحكومية على مباني السفارات والبعثات، وعلى القوات الأجنبية كافة (تحت مختلف المسميات)، حالة مقرفة للغاية، لكونها تستثني الضحايا وتهتم بالجلاد فقط، وفوق كل ذلك تتعهد الحكومة بجعل العراقيين حراساً للتواجد الأجنبي في البلاد، ولا تكلف نفسها حراسة أبنائها الذين يموتون يومياً بالصواريخ والطائرات المسيرة المسجلة باسم هذا التواجد الأجنبي.
#شبكة-انفو_بلس