معادلة الردع الشيعية وتصحيح التاريخ
لم يكن للشيعة حضور عام 1919 حين عُقد مؤتمر السلام في مدينة فرساي الفرنسية، والذي شهد اتفاق تدشين النظام الدولي على خلفية احداث الحرب العالمية الاولى، مع كون الشيعة آنذاك، كما حالياً، لديهم حظور بشري واسع على جغرافيات مهمة تتمتع بمختلف الموارد الطبيعية
كتب / سلام عادل
يشهد الشرق الأوسط ظهور حلف جديد يضم السكان الأصليين، الذين جرى تغييب حقوقهم بإرادة المنتصرين في الحرب العالمية الاولى، وما سبقها من إمبراطوريات وأنظمة حكم مستبدة، وهو حلف يقود أركانه الشيعة من خمس دول، هي ايران والعراق ولبنان وسوريا واليمن، ويشارك معهم الشعب الفلسطيني المناضل، مما جعل هذا الحلف (5+1)، ابرز معادلة سياسية ظهرت في الألفية الثانية.
ومن الواضحة أن هذه القطبية الجديدة صارت تمتلك تأثيراً كبيراً، للدرجة التي تتيح شل حركة النقل على الارض والبحر والسماء، والتسبب بصدمات متعددة الاتجاهات على مستوى الاقتصاد العالمي، فضلاً عن سوق الطاقة والسلاح، وحتى حركة المال والبورصات، مع التأكيد على وجود عناصر قوة إضافية لم يتم التلويح بها بعد، تعد في متناول اليد حال تصاعدت الأحداث لمستوى حرب عالمية ثالثة.
ولهذا دخلت منذ أيام 10 جيوش في حالة إنذار، من بينها قيادات عسكرية لثلاث دول عظمى، خشية أن يشن حلف (5+1)، بشكل منسق، عمليات عسكرية تتسبب بإعادة إسرائيل إلى مرحلة ما قبل التاريخ، وهو الهاجس الذي تتحرك بسببه الآن مختلف الوفود الدبلوماسية، وتسهر على متابعة أحداثة عواصم العالم، والأبرز أن هذا الحلف جعل إسرائيل تنام كل ليلة في الملاجئ.
ولم يكن للشيعة حضور عام 1919 حين عُقد مؤتمر السلام في مدينة فرساي الفرنسية، والذي شهد اتفاق تدشين النظام الدولي على خلفية احداث الحرب العالمية الاولى، مع كون الشيعة آنذاك، كما حالياً، لديهم حظور بشري واسع على جغرافيات مهمة تتمتع بمختلف الموارد الطبيعية، وهو ما كان ينبغي أن يوفر لهم مقعداً في المحافل الدولية، على الاقل تمثيلاً واضحاً في مجلس الأمن تحت يافطة أمة لها هويتها وخصوصيتها، او حتى ولو دولة غالبية سكانها مسلمون شيعة.
وفي الحقيقة كان ينبغي على الشعوب الإسلامية السُنية أن تسعى لمثل هذا التمثيل في وقت مبكر، وعدم ترك مصائرها تحت تصرف اقوام وشعوب اخرى لا يشغلها غير مصالحها بالدرجة الاساس، فيما سياساتها الاستعمارية كانت تنتهك العهود والمواثيق، والتي بقيت مجرد حبر على ورق، وتمظهرات ذلك في تقسيم البلدان وخلق الفتن، بل وحتى السعي لإنهاء الوجود مثلما جرى حين تم خلق كيان إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني.
ولذلك ينبغي على الشيعة اليوم، في عموم الدول التي يتواجدون فيها، التكاتف فيما بينهم، ودعم كل ما له علاقة بمحور المقاومة والممانعة والمواجهة، لأن نجاحات هذا المحور تؤدي إلى تصحيح اخطاء التاريخ، الذي فرض معادلة غير متوازنة وغير عادلة وتنطوي على ظلم كبير، على رأس ذلك اضطهاد وسلب الحق بالوجود والسيادة والحكم المستقل، وهي حقوق أصيلة ينبغي أن يتمتع بها أي شعب وأي أمة.
ولا شك من كون دعوات إعادة تنظيم النظام الدولي باتت مطلباً مُلحاً، بما يكفل حوكمة متعددة الأطراف، تشارك فيها اقطاب عالمية متعددة، هو مطلب شيعي مثلما هو مطلب صيني وروسي وأفريقي ولاتيني، وذلك على خلفية تفرد المعسكر الغربي طوال اكثر من قرن بشؤون ومصائر الشعوب، وهي قطبية أُحادية ثبت فشلها حين غابت العدالة عن هذا العالم، ومعها الأمن والسلام والاستقرار.