هل سيتحول السوداني إلى (كيس ملاكمة) ..؟
لم يكن في الحسبان حين وقعت هذه الاعتداءات أن تقوم الحكومة بفرض القانون وفق ما تُتيحه مواد قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، او ما تفرضه مواد قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005، باعتبار أن الأفعال الإجرامية التي حصلت بدوافع سياسية.
كتب / سلام عادل
بمجرد أن تتردد الحكومة، أي حكومة، في فرض وتطبيق القانون لدواعٍ سياسية أو غيرها، فسوف تتحول هذه الحكومة، فيما بعد، الى مجرد (كيس ملاكمة) تستقبل الضربات فقط، ومن بعد يتم تسجيلها في قائمة الخاسرين، وهو ما حصل مع حكومة عادل عبد المهدي، وقبله حيدر العبادي الذي كان يمتلك كل مقومات القوة لكنه فرّط بها، على رأسها دعم المرجعية التي دعت الى الضرب بيد من حديد.
ولعل أول تعدٍّ على القانون والنظام العام واجه حكومة السوداني على الأرض، هو ما حصل ليلة حرق مقرات الاحزاب السياسية والنواب قبل أسبوعين، من أبرزها مقرات حزب الدعوة، حيث اكتفت الحكومة بالصمت في حينها، كما وقفت الاجهزة الأمنية تراقب نهاية هذه الاعتداءات دون أن تتصرف او تتحرك وظيفياً تجاه ما يجري.
ولم يكن في الحسبان حين وقعت هذه الاعتداءات أن تقوم الحكومة بفرض القانون وفق ما تُتيحه مواد قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، او ما تفرضه مواد قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005، باعتبار أن الأفعال الإجرامية التي حصلت بدوافع سياسية، كما يُقال، تندرج أصلاً من ضمن الجرائم الإرهابية.
وبالتالي تحولت عملية التراخي في فرض القانون الى أشبه بكرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت، وهو ما تمثل بالفعل حين صرنا نسجل بين ليلة وأخرى اعتداءات مختلفة الأشكال وتحت مختلف العناوين، بدأت بحرق السفارات، وصولاً الى الاستعراضات الليلية المسلحة، وآخرها كما قيل حرق محطات توليد الكهرباء ومنظومات التوزيع وأبراج نقل الطاقة.
وما يثير السخرية أن الحكومة، ومن خلال مدوّنيها، صارت تمرر للشارع العراقي معلومات عن الحوادث التآمرية التخريبية التي طالت شبكة إنتاج الطاقة، وكأن المعالجة ينبغي أن تتم من خلال مواجهات كلامية على حسابات تويتر، دون أي اعتبار لتداعيات هذا التراخي والإهمال في ملاحقة العابثين والمخرّبين على الأمن في البلاد بشكل عام.
ولست أدري لماذا أصلاً تريد الحكومة أن تظهر بصورة العاجز والفاشل حيال ما يجري، على الرغم من كونها تمتلك قدرات أمنية هائلة، في أقل تقدير لديها مليون ونصف منتسب في القوات المسلحة، تستنزف هذه القوات ربع الموازنة السنوية، ومع ذلك تعجز هذه المنظومة الضارية عن اعتقال المخرّبين، الذي تسببوا بإطفاء شامل للطاقة الكهربائية في البلاد، وفضحهم والكشف عن الجهات التي تقف خلفهم.
وفضلاً عن ذلك، لماذا لا تستغل الحكومة حوادث التخريب هذه، او حتى فشل وزارة الكهرباء في توفير الطاقة كما ينبغي، للقيام بعملية إصلاح كبرى في الوزارة، مع كونها من أكثر الوزارات فساداً في البلاد، ويكفي أن نشير هنا الى كونها وزارة محاصصة تُدار من قبل اقتصاديات حزبية.
ولا أودّ هنا دفع السوداني ليكون زعيماً في البلاد لدرجة يدخل اسمه في التاريخ، ولكن في أقل تقدير ينبغي عليه أن لا يتحول إلى (كيس ملاكمة)، وأن لا يقبل بأي استشارات انبطاحية يُتاح بسببها الاعتداء على الدولة ومؤسساتها، حتى يصل الأمر الى انقطاع الكهرباء والماء عن جميع المحافظات، دون أن يكون هناك أي تصرف رادع من قبل الدولة تجاه المخربين او الفاشلين الذين يديرون الوزارات.
وفي الختام .. إن الخطر الحقيقي الذي يواجه البلاد، أي بلاد، هو الحاكمية الضعيفة التي تستقوي على الضعفاء فقط، فيما تترك المخربين والفاسدين وعصابات الجريمة تعبث كيفما تشاء، لكون حاكمية من هذا النوع غير قادرة على فرض قانونها في الداخل، ستكون عرضة للافتراس من قبل الخارج بكل سهولة، وهو ما يحصل للأسف.
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس