يومه يوم الشهيد
بهمته الشامخة وشجاعته المأثورة وتفانيه المعهود، تقدم المجموعة التي يقودها في شمالي سامراء واقتحمت الآلية التي تقله ورفاقه أحد مكامن الخطر المتشربة بالإرهاب والتفخيخ.
بهمته الشامخة وشجاعته المأثورة وتفانيه المعهود، تقدم المجموعة التي يقودها في شمالي سامراء
واقتحمت الآلية التي تقله ورفاقه أحد مكامن الخطر المتشربة بالإرهاب والتفخيخ.
ما كان غير أمثال الحاج مهدي الكناني ليقدموا على هكذا بسالة وفدائية في سبيل تطهير تراب الوطن وحماية أهله وتحصين مقدساته من الدنس والغدر.
لم يكن الطريق إلى النهاية بعيداً، خلافاً لمسيرة حافلة صنعتها بطولات الحاج مهدي ومآثره لعقدين من الزمن، فهو ابن مدينة لها تاريخ بالثورية والجهاد ضد الطاغوت والمحتل، وكانت أسرته إحدى العوائل المجاهدة ضد نظام صدام حسين، قدّمت في ذلك السبيل شهداء منهم عبد الهادي الكناني، ليواصل أخوه مهدي طريقه حتى سقوط نظام صدام وتبدأ مرحلة مقاومة الاحتلال الأمريكي، لتظهر شجاعة قل مثيلها تجسدت في روح مهدي وقلبه وبدنه، وكانت له وقائع تشبه الأساطير، من المواجهات المباشرة إلى استهداف آليات المحتل ومروحياته، كما كان له دور كبير في معركتي النجف الأشرف وتشكيل المجاميع الخاصة التي ستغدو لاحقاً عصائب أهل الحق، وقد أشرف على الكثير من عملياتها ضد أرتال الاحتلال.
ولما لاح الخطر في سورية مع تهديد قبر عقيلة الطالبيين كان مهدي من السبّاقين إلى الدفاع عن مقامها الشامخ الذي ظل شامخاً بفضل دماء الشهداء وروح الشجاعة والعنفوان والثبات لدى المجاهدين حوله، وكان مهدي على رأسهم حاضراً باسلاً مقداماً حقق انتصارات كبرى في جوار المرقد ومحيطه الموبوء بالإرهاب حتى إبعاد الخطر أميالاً وتطهير عشرات القرى والبلدات، بمواقف الصنديد المحامي الذي نال لقب سيف العباس عليه السلام، دون أن يبرح مكانه عند عاصفة ثلج قارسة، أو عصف انفجار أحدثه قصف تعرض له مراراً وكاد يقضي به أحياناً، بل كان يقتحم نقاط العدو مسافات تفوق ما خطط له قبل العملية، فصار اسمه معروفاً لدى عدوه مثلما هو عند الصديق.
وبعد تأمين غوطتي دمشق ودفع الخطر بعيداً عن مولاته زينب، كان مهدي على موعد آخر للجهاد ولكن في وطنه العراق، وقد سارع بالسير نحو تطهيره من تنظيم داعش منذ بداية العمل العسكري، وكان القائد الهمام ذا الدور الكبير في استعادة وتأمين الكثير من المناطق طيلة الشهور الأولى، حتى كان آذار ألفين وخمسة عشر، وتحديداً اليوم الرابع، هذا اليوم الذي صار تاريخاً يذكّر بالشهداء الأبطال، وقد صار مهدي الرمز الشامخ الدّال عليهم جميعاً.
مضت الآلية التي تقله ومعه رفاقه نوري أبو زهراء وأبو صدّيقة ومهند الدبي ومظفر التميمي.
ثلة مؤمنة خيرة، جمعت الصدق والإخلاص والسماحة والشجاعة منذ نشأتهم ملتزمين بشؤون عوائلهم ورعاية ذويهم ومقارعين نظاماً أوغل في ظلمه، واحتلالاً كاد للعراق مكائد الشر، وإرهاباً أراد إحراق العراق، فكانوا نعم السائرين في دروب الذود عن العدالة، فكانوا معاً في ذلك الدرب الأخير شمال سامراء، يقودهم مهدي الكناني الذي آمنوا به والذي كان على عادته يتقدم ويقتحم غير مبالٍ بالموت الذي يرصده منذ سنين، ولكن في ذلك اليوم كانت شاحنة الغدر الملغومة مختبئة بين الأبنية المتداخلة بانتظاره، وما إن وصلت سيارة مهدي والأبطال ممن مضوا بنهجه حتى سارعت إليهم، ليرتقوا فور انفجارها شهداء في مقام علي عند مليك مقتدر، ويعلن العراق فقدانه قامة أخرى من قاماته الشامخة أبداً، ويعلن الأحرار من بعده يوم ارتقاء مهدي ومن معه يوماً للشهداء جميعاً.
#شبكة_انفو_بلس