أكذوبة القلم الحر..
لا غرو في المقايسة أعلاه، فالسياسي وفي العديد من المواقف يُعمل أدوات الكلمة من أجل تمرير مصلحة ما، هو يراها ولو على حساب الواقع والحقيقة، وإعمال أدوات الكلمة تأتي في الزمان والمكان الذي قد لا تصلح به أداة السلاح أو المال
كتب / رضا عبد الرحمن
دأبت السلطات وبمختلف مستوياتها على صناعة مجاميع من المثقفين والصحفيين والإعلاميين وأُضيف إليها أثراً لانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ما يسمى بـ"المدونين"، مصنوعات من الأهمية بمكان -بالنسبة للسياسي- تصل الى حد أهمية المال والسلاح اللذَين دائما ما يحصّنان الوجود السياسي.
ولا غرو في المقايسة أعلاه، فالسياسي وفي العديد من المواقف يُعمل أدوات الكلمة من أجل تمرير مصلحة ما، هو يراها ولو على حساب الواقع والحقيقة، وإعمال أدوات الكلمة تأتي في الزمان والمكان الذي قد لا تصلح به أداة السلاح أو المال، وغالبا ما تكون نتائج أثر الكلمة أكثر وقعا من نتائج أثر السلاح والمال، على أساس أنها تعبث بالمفاهيم وتغير القناعات وتركّد الهائج أو تحرك الساكن بقناعة، وهنا تكمن خطورة أثر الكلمة.
الكلمة الحرة أو القلم الحر شعارات فارغة وموهمة لأنها وببساطة لا تقف على أساس موضوعي ومنطقي، بمعنى أن الكلمة إن لم تؤمن بقناعة ما فلا قيمة لها، وإن كانت حاملة لقناعة ما فهي مؤدلجة وحاملة لفلسفة معينة وتقع في طولها، ولا حرية يمكن أن تذكر حينها! .
والصحيح أن الحرية بهذا الفهم المشوب بالغلط والخلط لا وجود لها أصلا، فكل فرد على وجه البسيطة معبّأ بمحمولات يؤمن بها ويتحرك على ضوئها ولا حرية إلا لمن لا عقل له!.
ثم إن لا عيب بالتعبد بفكرة ما، ولا نقص في أن تكون أسيرا لأيديولوجيا معينة بصرف النظر عن المشخصات، بل أكثر من ذلك العيب يكمن في التقاعس في الدفاع عما تؤمن به، شريطة أن يكون الدفاع بطرق تنسجم وقيمة الإنسان وجودا وأثرا.
النقص والعيب يكون حاضرا وبقسوة في حالة فقدان التوازن أمام محال الإغراء والإثارة حيث السلطة والشهرة والمال وما يقع في طول ذلك، هنا تجد اللهاث من قبل مدّعي الثقافة والإعلام والصحافة يتكثر ويرتفع، ويفقد المثقف والصحفي والإعلامي حينها جزءا كبيرا من وزنه.
هذه المفارقة اللافتة حيث الإلحاح الفَج على "القلم الحر.." والكلمة الحرة، في وقت أن الواضح والفاضح هي الكون تحت العبودية، عبودية السلطة الآمرة بما يجب أن يُكتب وما يجب أن يُقال، بصرف النظر عن رأي الكاتب وموقفه !.
منتهى القبح يكمن في النماذج التي تشابه القردة في سلوكها الى حد كبير، القرد مثلا وضمن سياق تكوينه الطبيعي يتسلق الأشجار بطريقة رشيقة وأنيقة ولافتة للنظر، تبدو طبيعية وجميلة كذلك، لكنها تكون قبيحة أيما قبح لما يستدعيها "المثقف أو الإعلامي او الصحفي" لتوفر له القدر اللازم من البقاء على قيد الشهرة والمال والمكوث إزاء السلطة.
نماذج من هذا النوع تحتاجها السلطات وبمختلف المستويات، وهي في ذات الوقت (رزق) لظاهرة القردة عند مدّعي الثقافة والصحافة والإعلام، حينها ما عليك إلا أن تتأمل كم القردة التي تقُزّ على أي غصن يُمد لها! .
#شبكة_انفو_بلس