التنمية والتحشيد .. مَن ضيّع الفرصة في العراق ..؟

عندما اقترح سفير بريطانيا في بغداد (جوناثان ويلكس)، سنة 2019 حل الحشد الشعبي أو دمجه، كان يمكن أن يكون مقبولاً، إلا أن عدم حل التحالف الدولي، وسقوط سوريا بيد الأرهابيين، وترك نتنياهو يلعب بمقدرات شعوب ودول المنطقة، أصبحت دعوات (عرفان صديق)، سفير بريطانيا ا
كتب / سلام عادل
في سنة 2019 عقد مركز الرافدين للحوار، ملتقى في بغداد عن الأمن والاقتصاد، شارك فيه مجموعة من السفراء والقادة العراقيين وممثلي المنظمات الدولية، فضلاً عن النخبة ومراكز الدراسات، وجاء التوقيت متزامناً مع تحولات مهمة شهدتها البلاد، من أبرزها نهاية الحرب على داعش بتحرير كامل الأراضي العراقية، ونجاح عملية انتخابية أفضت إلى تشكيل حكومة جديدة يقودها السياسي المخضرم السيد عادل عبد المهدي.
وكان عادل عبد المهدي قد أدرج في بنود منهاجه الحكومي، حين تقدم به للبرلمان، بنداً لافتاً للنظر، حيث دعا إلى (تقليل الإنفاق العسكري)، وهي مفارقة تحدث لأول مرة في تاريخ العراق، باعتباره بلداً معتاداً على تخصيص النسب الأكبر من الموارد في موازناته لدعم الجهد العسكري، وهذا الحال منذ العهد الملكي، واستمر مع الحقب الجمهورية المتعاقبة، تخللتها خلال الـ100 سنة حروب عبثية متعددة، بعضها خارجية وأخرى داخلية، تسببت بضياع أموال طائلة وتفويت فرص تنموية لا حصر لها.
والمفارقة الأكبر تتمثل في أن المجتمع الدولي، تحديداً (أوروبا وأمريكا)، سعوا مرات ومرات إلى تعطيل محاولات العراقيين نحو التحول من الإنفاق العسكري إلى الإنفاق التنموي، ويتمثل ذلك بتدخلاتهم في الشؤون الداخلية وعرقلة الاستقرار السياسي، الأمر الذي يؤدي عادةً إلى اضطرابات وانقلابات وصراعات متعددة، لطالما أعادت العراق إلى المربع الأول بعد كل فرصة يتقدم بها إلى الأمام.
ولعل الفرصة ما بعد داعش كانت ذهبية، من ناحية تحول العراق من دائرة التحشيد إلى البناء والإعمار والازدهار الاقتصادي، إلا أن حكومة عبد المهدي، التي ذهبت بهذا الاتجاه، وجدت نفسها في تشرين أمام سيناريو مظلم تسبب باضطرابات كبرى، دعمتها السفارات قبل أي فاعل محلي، وهو ما أثار مخاوف التخلي عن السلاح بين أوساط كل من يحمل سلاح، وعززت حالة عدم الاطمئنان وتوقع المزيد من المؤامرات والعبث والقلق الوجودي.
ولهذا عندما اقترح سفير بريطانيا في بغداد (جوناثان ويلكس)، سنة 2019 حل الحشد الشعبي أو دمجه، كان يمكن أن يكون مقبولاً، إلا أن عدم حل التحالف الدولي، وسقوط سوريا بيد الإرهابيين، وترك نتنياهو يلعب بمقدرات شعوب ودول المنطقة، أصبحت دعوات (عرفان صديق)، سفير بريطانيا الحالي في بغداد، بحل الحشد أو دمجه مجرد سخافة، نظراً لتزايد المخاطر الأمنية والتهديدات المحيطة بالعراق.
ومن هنا نفهم لماذا الإصرار على بقاء الحشد ودعمه بالدماء الجديدة، بل وحتى بالتشريعات القانونية الساندة لوجوده، وأيضاً تمسك فصائل المقاومة بسلاحها، في جبهة العراق ولبنان واليمن، وذهاب إيران نحو المزيد من التسليح الخارق والمتطور، وذلك لأن عموم الشيعة في الشرق الأوسط باتوا يقرؤون نوايا الغرب، المتمثل بأوروبا وأمريكا وبريطانيا، بكونها نوايا عدوانية تستهدف وجودهم التاريخيّ على جغرافيتهم التاريخية.
#شبكة_انفو_بلس