الشيعة أكثرية داخل مجلس النواب وأقلية داخل اللجان البرلمانية
كتب / سلام عادل
لا أحد يجد تفسيراً مقنعاً لغياب دور النواب السُنة والاكراد داخل مجلس النواب خلال عمليتي الرقابة والتشريع، لدرجة تبدو فيها مشاكل البلد معصوبة برأس الشيعة فقط دوناً عن بقية المكونات التي تعودت على ما يبدو أن تأخذ فقط دون أن تعطي.
ويلوح النواب السنة والاكراد دائماً بنصوص التوازن والشراكة داخل مؤسسات الدولة أثناء مساعيهم للحصول على حصصهم في العملية السياسية، لكنهم يسكتون حين يحصلون على هذه الحصص، بل ويتوارون بعيداً خلف الانظار وكأن الحصول على الحصة هي غاية مرادهم.
ومن اللافت خلال الفترة الاخيرة بروز تحركات واسعة النطاق للنواب الشيعة في إطار كشف ملفات الفساد وتصويب مسارات الدولة وفق الأسس القانونية والدستورية، وهي في الغالب تحركات تستهدف شيعة متورطين بالفساد، في حين لا نرى نواب سُنة واكراد يسعون لكشف حيتان الفساد المحسوبين على السُنة والاكراد، رغم أن الفساد في كردستان او المحافظات الغربية يبدأ من تهريب النفط وصولاً الى ميزانيات الوزارات.
وتوصف جماعات الفساد المحسوبة على السُنة والاكراد بالعصابات العابرة للحدود نظراً للعلاقات المتشعبة في الاقليم مع مافيات واجهزة مخابرات دولية، ومع أنني هنا لست في مسار توضيح الواضحات عن وجود مافيات فساد سُنية وكردية مسكوت عنها منذ عام 2003 بحكم تغاضي النخبة السُنية والكردية ووسائل الاعلام المرتبطة بهم عن كشفهم وملاحقتهم بالنقد.
والمهم في الموضوع هو أن اللجان البرلمانية باتت تفتقد لعنصر التوازن بين المكونات، وحصل ذلك بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية، الأمر الذي فرض واقعاً جديداً داخل هذه اللجنة جعل النواب الشيعة أشبه بالاقلية داخل هذه اللجان، وسط استمرار عملية (التغليس) من قبل رئاسة البرلمان بخصوص صعود النواب البدلاء لاخذ مواقعهم داخل هذه اللجان.
وقد كشف النائب المستقل مصطفى سند مؤخراً في رسالة برلمانية جرى نشرها في وسائل الإعلام عن وجود أزمة حقيقية ظهرت بوضوح داخل (اللجنة المالية)، بعد أن خسر فيها الشيعة خمسة مقاعد جراء استقالة الصدريين، وظلت هذه المقاعد شاغرة حتى هذه اللحظة، ما جعل النائب مصطفى سند يعلق عضويته هو الاخر داخل اللجنة احتجاجاً على غياب التوازن.
وكما يعرف الجميع أن دور اللجنة المالية مهم للغاية في المرحلة الحالية، بالنظر لمتطلبات التصويت على الموازنة العامة لسنة 2023، ما قد يتسبب بوضع محرج لرئيس الحكومة الذي يمثل الشيعة، وقد يتسبب بعرقلة تنفيذ برنامجه الوزاري الواعد الذي يسعى من خلاله لتنفيذ الخدمات المطلوبة.
وسبق للنائب سعدون الساعدي عن كتلة حقوق، وهو أحد النواب البدلاء الذين كان ينبغي ان ياخذوا مواقع النواب المستقلين داخل اللجان، أن أشار الى إخفاقات إضافية اخرى تتعلق بعمل اللجان، منها على سبيل المثال ان اللجان حتى هذه اللحظة مازال يتم إدارتها من قبل رؤساء السن، وهي حالة إخفاق معيبة، لكون اللجان التي تفشل في انتخاب رئيس لها لا يعول عليها في أي شيء، وهو ما يشكل فشلاً هائلاً تعيشه الدورة البرلمانية الخامسة.
وعود على بدء .. يبدو من الواضح أن الشيعة يتمتعون باغلبية داخل مجلس النواب، لكنهم أقلية داخل اللجان البرلمانية، وهو ما ينبغي تصحيحه وتصويبه باسرع وقت.