edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. مقالات
  3. القاضي والقصيدة والخبر: من يحكم حرية التعبير ..؟

القاضي والقصيدة والخبر: من يحكم حرية التعبير ..؟

  • 28 أيلول
القاضي والقصيدة والخبر: من يحكم حرية التعبير ..؟

“حرية التعبير وضبط التعبير” ليست مجرد معادلة قانونية أو مهنية، بل هي رحلة معقّدة تجمع بين الصحافة والفن، وبين سلطة القاضي وجموح الخيال، لتصوغ مفهوماً جديداً للحرية يقوم على المزاوجة لا على الفصل

 

كتب / سلام عادل

 

حرية التعبير ليست مجرد شعاراً يتردد في الدساتير أو يتزين به السياسيون في خطابهم، بل هي إرادة تتنفس داخل كل إنسان حيّ، وفي كل نص صحفي، وفي كل لوحة فنية، وداخل كل قصيدة تتحدى المألوف، ومع ذلك، فإن جوهرها يتخذ أشكالاً متناقضة، فالصحافة، بمفهومها المهني، قائمة على الالتزام بالقاعدة، والقاعدة في الصحافة هي الدقة والموضوعية والتوثيق، بينما الفنون الجميلة قائمة على نفي القاعدة، حيث لا قيود تحد الخيال ولا ضوابط تكبّل التجريب.

 

وهذه المفارقة تجعل من حرية التعبير معضلة فلسفية قبل أن تكون قضية مهنية، حيث كيف يمكن الجمع بين النظام الصارم، الذي تمثله الصحافة، والإبداع المطلق، الذي تجسده الفنون؟.

 

وفي مهنة الصحافة الحرية ليست مطلقة، إنها مشروطة بالتحقق من الخبر، والتوازن في العرض، والقدرة على التمييز بين الرأي والمعلومة، والصحافي المحترف يتحرك بين جدران القانون والمهنية، ويعرف أن أي كلمة غير دقيقة قد تتحول إلى سلاح يشوّه الحقائق، هنا تكمن قوة الصحافة، باعتبارها فنّ الانضباط، الذي يفرض على الحرية سياجاً من المسؤولية.

 

وأما الفنان، فهو لا يلتزم بقاعدة إلا لينقضها، من ناحية كون اللوحة تحتمل الانقلاب على اللون، والمسرح يمكن أن يتحول إلى صرخة صامتة، والقصيدة قد تُبنى على كسر الوزن لا على احترامه، ففي الفنون الجميلة الحرية هي الأصل، والقاعدة الوحيدة هي غياب القواعد، هي حرية الإيحاء، والتلاعب بالرمز، وإعادة تشكيل العالم كما يتخيله المبدع.

 

ولكن المثير هو وجود كائن نادر، وهو المحترف، الذي يجمع بين الصحافة والفن، لكونه يعرف كيف يوثق الحقيقة بدقة الصحافة، ويجعلها في الوقت ذاته مشهداً فنياً يثير الخيال، فهو يكتب التحقيق الصحفي وكأنه قصيدة، ويعرض المقال كأنه لوحة مرسومة بالكلمات، وهذا المزيج يتطلب موهبة فطرية، ووعياً عميقاً لا يجيده إلا القليل من أصحاب المواهب المزدوجة.

 

غير أن هذه المزاوجة تصطدم بجدار آخر، هو جدار القانون، ولكون المحاكم والقضاة ينظرون غالباً إلى حرية التعبير من زاوية حادة، تختصر في قضايا النشر والسبّ والقذف والتشهير، دون مراعاة النصوص، التي تقع في المنطقة الرمادية، حيث يختلط الخبر بالرمز، أو يتقاطع التوثيق مع الخيال الفني.

 

ولهذا تعد القوانين السائدة اليوم أسيرة التصنيفات التقليدية، فالصحافة تُقاس بمصداقيتها، والفنون تُقاس بجمالياتها، ولكن الواقع الجديد يفرض تطوير مدونات قانونية تتفهم المزاوجة بين الإعلام والفن، بين المعلومة والإيحاء، بين النص الصارم واللوحة الموحية، وهنا يتطلب أن يكون القاضي ليس فقط حارساً للنصوص القانونية، بل أيضاً قارئاً حساساً يفك شيفرة اللغة المركبة، ويميز بين التعبير الصحفي والتعبير الفني.

 

وبالتالي ينبغي أن يتم فهم حرية التعبير بصورتها المتقدمة، باعتبارها ليست مجرد حق دستوري، أو مسؤولية أخلاقية وفكرية، بل هي امتحان لقدرة الفرد على الجمع بين التناقضات، أن يكون ملتزماً وحراً، منضبطاً ومبتكراً، دقيقاً وخيالياً في الوقت ذاته.

 

وهذا يستدعي أن تعيد المؤسسات القانونية صياغة فهمها لحرية التعبير، بحيث لا تقمع النصوص المبتكرة باسم المهنية، ولا تُطلق العنان للجموح باسم الفن، المطلوب مدونات قانونية جديدة تتعامل مع النصوص الهجينة بوعي فلسفي، وترى أن المزاوجة بين الصحافة والفن ليست خطراً على النظام، بل ثراءً للحرية.

 

في النهاية، يمكن القول إن حرية التعبير لا تكتمل إلا حين تُمنح للمحترف المزدوج، وهو ذاك الذي يكتب كصحافي ويفكر كفنان، وحين تدرك القوانين والمحاكم أن هذا النمط من التعبير هو تعبير مشروع لا يقل قيمة عن أي خبر موثق أو لوحة فنية، عندها فقط ستتحقق الحرية بمعناها الكامل: حرية القاعدة واللا قاعدة، حرية النظام والإبداع، حرية الفكر، الذي لا يعرف المستحيل ولا يقف عند حدود.

 

#شبكة_انفو_بلس 

المقال يعبر عن رأي كاتبه، وليس بالضرورة عما يتبناه الموقع من سياسة

أخبار مشابهة

جميع
الحرب العالمية الثالثة  حين تصبح الإنسانية هي الجبهة

الحرب العالمية الثالثة حين تصبح الإنسانية هي الجبهة

  • 21 تشرين اول
العراق... حين يُنكَر المبتدأ ويُجهَل الأصل

العراق... حين يُنكَر المبتدأ ويُجهَل الأصل

  • 16 تشرين اول
الأعور والتومان الإيراني مسحة واقعية لخبراء الشاشات

الأعور والتومان الإيراني مسحة واقعية لخبراء الشاشات

  • 16 تشرين اول

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة