المقاومة ثقافة.. الثقافة مقاومة
أصالة المقاومة لا تحتاج إلى مزيد من التأمل للتوفر عليها، فالعقل المحض يسلم بضرورة ولا بدية الدفاع وتقديم ما يجب تقديمه في حال تشخيص ضرر ما ولو بنسبة محتملة، صحيح أن نمذجة السلوك المقاوم تتفاوت بين حال وآخر بعد فرض التشخيص الدقيق
كتب / رضا عبد الرحمن
المقاومة أصيلة؟ أم إنها أمر طارئ؟
هل هي ثقافة؟!، أم موقف قد نلجأ إليه بعيداً عن أي حمولة ثقافية أو معرفية؟!
المقاومة.. الثقافة.. ما العلاقة في البين؟! هل ثمة اطراد أم تضاد؟
هذا الأمر ليس بلُغز أو أحجية بل إننا نتحدث عن حال واقع في ضل غياب أو ضعف الأجوبة الحاضرة كأثر طبيعي لغياب الوعي بالمقاومة بوصفها قيمة حقيقية وثابتة، وثبات القيمة هذه موجود عند كل الأمم والشعوب بصرف النظر عن المباني الفكرية والمرجعيات المعرفية، فالإنسان مجبول على دفع الضرر ولو كان محتملاً، لكن التشويه يأتي في رتب لاحقة ليعبث بهذه القيمة فيمحوها أو يقلل من أثر وجودها.
إن أصالة المقاومة لا تحتاج إلى مزيد من التأمل للتوفر عليها، فالعقل المحض يسلم بضرورة ولا بدية الدفاع وتقديم ما يجب تقديمه في حال تشخيص ضرر ما ولو بنسبة محتملة، صحيح أن نمذجة السلوك المقاوم تتفاوت بين حال وآخر بعد فرض التشخيص الدقيق والفحص المفضي إلى إجراء ينسجم مع خطورة أثر المستبد المُهدِّد، لكن الأصل هو بقاء القيمة الثابتة للمقاومة ذاتاً.
إن ثبات القيمة بالنسبة للمقاومة لا يمكن التوفر عليها إلا بعد فرض وجود وعي يستوعب الأهمية والضرورة، وإلا فإن فقدان المعرفة الحقيقية بالأهمية أولاً والضرورة ثانيةً يُحيل الموضوع إلى انعدامه أو وجوده برتب دنيا لا يشكل حينها الأثر المرجو، من هنا تأتي الأهمية بالغة الخطورة والضرورة في بسط المقاومة بوصفها ثقافة يجب أن تُعاش وتُشاع وهي جزء من سير حركة البشرية، لا أن يُحال الأمر إلى ما أراده العدو المستبد من استقباح حتى مفردة "مقاومة"!.
وهذا أمر لافت جدا.. فالعدو المستبد عمل ومنذ فترة ليست بالقريبة على تكريس صورة نمطية مفادها أن المقاومة قُبح وشر لا ينتج إلا الدمار!، في وقت أن الاحتلال ليس تجربة مريرة بالمطلق!.
إن عدم الاهتمام اللازم بإشاعة ثقافة المقاومة ضمن مناهج وبرامج تُعد بطريقة استراتيجية وتكتيكية سينتج حالة من الاستغراق بردود الأفعال المنسجمة مع إرادة العدو المستبد، الأمر الذي يشغل "المقاومة" ويستهلك منها الجهد والزمن بعيدا عن علميات البناء الداخلي الذي يوفر لها الاستدامة الضرورية.
إن العدو المستبد كان وما يزال ملتفتاً إلى عملية إفراغ المقاومة من معارفها ومرجعياتها الثقافية وقطع الطريق على أي بناء معرفي يؤصّل إلى مخرجات سلوك مناهض ومقاوم للاستبداد، فمن الواضح جدا أن العلاقة بين الثقافة بوصفها الحمولي والمقاومة في بعدها الممارساتي السلوكي علاقة اطراد وليس تضاد، بمعنى أن متى ما تعززت الحمولات المعرفية الثقافية إلى حد التأصيل يكون السلوك المقاوم ثابتاً وغير مستعار.
#أبوا_هذه_المقاومة
#شبكة_انفو_بلس