بين المخلوع والمفكر صاحب القصر
تبدو فترة (كاظمي الغدر) الأسوأ في العراق الجديد، جراء ما رافقها من سوء تصرف على جميع المستويات، أقلها انتشار التلاعب بالقانون والفساد والكذب والنفاق والدسائس، الأمر الذي كاد أن يقود إلى إشعال حرب أهلية (شيعية شيعية).
كتب / سلام عادل
تناوب على رئاسة الحكومة العراقية سبعة رؤساء وزراء خلال الـ20 سنة الماضية، يعتبر آخرهم محمد شياع السوداني الذي مازال في منصبه، فيما يُعد إياد علاوي أولهم والأقصر ولايةً من بينهم، بحكم توليه سلطة حكومة مؤقتة فقط، ومن بعده حكومة انتقالية تولاها إبراهيم الجعفري، لتنتقل بعد ذلك إلى نوري المالكي الذي ظفر بولايتين معاً، في الوقت الذي كاد أن يحصل على ولاية ثالثة لولا مؤامرة داعش وما رافقها من تداعيات.
ومع كون الدستور يُجيز إعادة تكليف رؤساء الحكومات من دون سقوف محددة بفترة أربع سنوات للولاية الواحدة، إلا أن حالة عدم الاستقرار السياسي ظلت ترافق جميع الحكومات، وكان آخرها ما حدث في 2019 جراء فوضى تشرين، التي اندلعت بمكيدة سياسية جرى التخطيط لها من داخل السلطة بدعم خارجي بالطبع، أنهت ولاية السيد عادل عبد المهدي التي لم تدُم أكثر من 11 شهراً، ليتولى من بعده ربيب المخابرات الدولية الموصوف بـ(كاظمي الغدر).
وتبدو فترة (كاظمي الغدر) الأسوأ في العراق الجديد، جراء ما رافقها من سوء تصرف على جميع المستويات، أقلها انتشار التلاعب بالقانون والفساد والكذب والنفاق والدسائس، الأمر الذي كاد أن يقود إلى إشعال حرب أهلية (شيعية شيعية)، ما أدى لاحقاً إلى إخراج (كاظمي) من القصر الحكومي بالوجه الأسود، حتى صار ينطبق عليه بدقة وصف (المخلوع)، لكونه بات خارج البلاد بالكامل، ولم يعد إليها منذ أن غادرها متنقلاً بين دولة عربية وأخرى حتى استقر منبوذاً في لندن مؤخراً.
ولعل المفارقة في كون (كاظمي) صار منبوذاً في لندن تتمثل في بقاء السيد عادل عبد المهدي في قصره وسط بغداد، بصفته رئيس وزراء سابق، وبصفته سياسي محنك مازال يُعوَّل عليه في العملية السياسية، وأيضاً باعتباره مفكراً يتم اللجوء إليه في أهم الاستشارات التي تحتاجها الدولة والنخبة الوطنية، وهو ما يكشف الفارق بين الأوزان السياسية بين رئيس وزراء وآخر، ووفق معيار من يبقى ملتصقاً ببلده وبين الأحمق الذي لا يجيد غير الارتماء في أحضان التشرد.
وهذه المفارقة ينبغي التذكير بها دائماً في ظل عواصف السياسة ومتغيراتها، باعتبار أن المواقف الوطنية تبقى لوحدها المسطرة التي يُبنى عليها التقييم، وليس التخادم والتخابر، وخصوصاً في هذه المرحلة التي صارت فيها المحاور تتضح بين محور شرقي يمثل الحاضنة الجيوسياسية للعراق، وبين محور غربي ليس فيه غير العبث والفوضى والرعونة الأمريكية، ومن يعول على أمريكا إنما يعول على سراب، وهذه هي المعادلة التي ينبغي أن تكون في أذهان جميع من يتولون السلطة أو يطمحون لها.
#شبكة_انفو_بلس