تفاهة المسلسلات تداهم العراقيين في الأول من رمضان
من المعيب إنفاق في حدود 25 مليار دينار من قبل الإعلام المملوك للدولة، وكذلك الإعلام الخاص، على أعمال تلفزيونية حققت نسبة ازدراء عالية في أول يوم من أيام الشهر الفضيل، مع ملاحظة الغزارة في الإنتاج، الذي لا يعطي مجالا للعثور على عمل واحد قد يكون جيداً.
كتب / سلام عادل
في كل سنة نعيد التذكير بتنظيرات أرسطو الخاصة بالفن، باعتباره وسيلة لتطهير الإنسان وتطوير قدراته الذهنية والعقلية والأخلاقية نحو الأفضل، ومن هنا يكون الفن الخالي من القيمة بلا قيمة، وهي القواعد الفلسفية التي حافظت عليها المدارس الفكرية بمختلف أشكالها على مدار التاريخ، رغم تعدد أساليب السرد وأنماط التعبير، ورغم التحولات الاجتماعية ومتغيرات الذائقة، حتى المرحلة التي نحن فيها الآن، وهي المرحلة التي يسود فيها نظام التفاهة، بحسب الفيلسوف الكندي الان دونو، فهي تبقى مرحلة محل نقد واستهجان.
ومن المعيب إنفاق في حدود 25 مليار دينار من قبل الإعلام المملوك للدولة، وكذلك الإعلام الخاص، على أعمال تلفزيونية حققت نسبة ازدراء عالية في أول يوم من أيام الشهر الفضيل، مع ملاحظة الغزارة في الإنتاج، الذي لا يعطي مجالا للعثور على عمل واحد قد يكون جيداً، وهو تزاحم وتسابق في الإنتاج حال دون تحقيق الفائدة حتى في لعبة التسويق التجاري، لكون هذه الأعمال ستنتهي في عالم الأرشيف مع العرض الأول دون أن يتذكرها أحد، وهو ما حصل في المواسم الرمضانية السابقة.
ومن غير المفهوم لماذا يعيد منتجو هذه الأعمال الرثَّة تكرار نفس الأخطاء، ونحن نخص بالذكر هنا أصحاب القنوات المنتجة والكتاب والمخرجين، بل وصل الحال إلى تقديم أجزاء إضافية لمسلسلات سبق وإن فشلت في جزئها الأول، وهو ما يعد مؤشرا خطيرا آخر على الانجماد وعدم القدرة على الخلق والإبداع، وإلا ما معنى أن يتم إنتاج أعمال بجزء ثان بعد أن كان جزؤه الأول غير ناجح، إلا لو كان الهدف تقديم أي شيء لسد الفراغات في ساعات البث.
وتسببت كل هذه الفوضى، التي أساسها الصرف غير المدروس في الإنتاج إلى حد التبذير، بتقديم عملَين في نفس الوقت من تأليف كاتب واحد على قناتَين، أو تقديم مسلسلَين من بطولة ممثلة واحدة على شاشتَين يُبثان في أوقات متقاربة، مما تسبب بتشتت في ذهنية المتلقي، بين شخصية الممثلة التي ظهرت في دور شريرة في ذاك العمل، وبين الشخصية الأخرى بدور الخيّرة في هذا العمل، وهي المعادلة التي كشفت عن كون غزارة الإنتاج حين لا تجد كوادر فنية كافية تتحول إلى مجرد (تجارة جملة).
ويقال إن هذه الوفرة من الإعمال غير الممتعة وغير الرصينة جاءت على خلفية الدعم المالي الكبير، الذي قدمته الدولة بالدرجة الأساس إلى نخبة الفن، بهدف كسب رضاهم، وبغض النظر عن كون الهدف البعيد من هذا التوجه شراء الذمة السياسية للفنان، باعتبار أن التبرير السياسي لا يعني إنتاج أعمال ليست نافعة، أو لا فائدة منها غير ما ينزل في جيب الفنان، الذي صار وكأنه (عامل مصطر) لا يعنيه أن يكون صانعاً للتفاهة.
#شبكة_انفو_بلس