ثلاثة توقيتات عراقية في شعبان

كتب / سلام عادل

يبدو أن تحوّلاً جغرافياً يرتبط بأهم أركان الدين الإسلامي قد حصل في شهر شعبان خلال العهد النبوي، ويتمثل بتحويل الصلاة من القبلة الاولى، وهي المسجد الأقصى، إلى القبلة الثانية، وهي المسجد الحرام، لكن تاريخ التحول هذا في شهر شعبان ليس محل إجماع حتى اللحظة بين طوائف المسلمين، حيث ربما كان في شهر رجب، بحسب بعض الروايات.

ويبقى الثابت وفق روزنامات التوقيت الهجري، أن شهر شعبان ينطوي على ثلاثة توقيتات مهمة بالنسبة للعراقيين، تتمثل الاولى بولادة الإمام المهدي، والثانية باندلاع الانتفاضة الشعبانية عام 1991، والثالثة شهدت إعلان فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش، وهي الفتوى التي أبقت العراق على قيد الحياة، بعد أن كادت مخططات إقليمية ودولية تصادر وجوده وتبتلع أراضيه وحدوده.

ومن هنا صار شعبان يربط العراقيين على المستوى الديني والوطني، وهو ما أدى إلى خلق وشائج عميقة بين الفرد والبلد، باعتبار أن المواطنة هنا تطورت ولم تعد تقتصر على الارتباط الوظيفي، من ناحية كون الوطن عبارة عن جنسية وجواز سفر واوراق ثبوتية وعنوان سكن وعمل، وانما ارتباط عقائدي متصل بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، ويتحول فيها الموت في سبيل هذا الوطن تصرفاً عبادياً يقود صاحبه إلى جنات النعيم.

ولعل هذا الذي جعل ملايين العراقيين يزحفون لتلبية نداء الفتوى في ظل ظروف قاهرة ارتقى خلالها آلاف الشهداء خلال سنوات المواجهة، ولم تتوقف هذه المبادرة الطوعية عن العطاء حتى هذه اللحظة، وستبقى مستمرة إلى أمد غير معلوم، أو على الاقل إلى حين ظهور الإمام الغائب، الذي يعتبر المخوّل الوحيد في حسم كل شيء قبل نهاية الزمان والمكان، وهي النهاية التي تؤكدها جميع الأديان السماوية من دون استثناء.

وعلى أي حال لا يمكن الفصل بين الغيب وحقائق الواقع، بحسب معطيات عديدة في التاريخ على الاقل، وهي معطيات تظهر لنا في التوقيتات المتزامنة ذات الدلالات والمعاني، والا لا يمكن القفز على توقيتات شهر شعبان إلا من خلال تفسيرها على اساس كونها توقيتات ربانية ترتبط جميعها بحلقة الإمام الغائب، الذي هو حاضر من دون شك في القرارات المصيرية المطلوبة حين يتطلب اتخاذها.

#شبكة_انفو_بلس