حان الوقت لـ(حرق الدولار) الأمريكي
من هنا تبدو توقعات الاقتصاديين تتأكد في اتجاه حصول متغيرات، كان يجري افتراضها منذ نحو ثلاثة أعوام، تفيد بقرب موعد إحالة العملة الأمريكي إلى (التقاعد)، بعد أن تسيّدت على عرش التجارة العالمية، على الأقل منذ منتصف القرن الماضي
كتب / سلام عادل
أعلنت دولتان عظمتان، وهما روسيا والصين، إيقاف استخدام (الدولار) في التبادلات التجارية بينهما، واعتماد بدل ذلك على العملات المحلية كوسيط مالي، الأمر الذي قد يقود إلى مضاعفة الصادرات والواردات البينية أضعاف ما كان يحصل، وهو ما يعني طرد 200 مليار دولار بعيداً عن هذه الأسواق الواعدة والغنية بمختلف أنواع البضائع، مقابل صعود قيمة وتأثير ودور الروبل الروسي واليوان الصيني.
ومن هنا تبدو توقعات الاقتصاديين تتأكد في اتجاه حصول متغيرات، كان يجري افتراضها منذ نحو ثلاثة أعوام، تفيد بقرب موعد إحالة العملة الأمريكي إلى (التقاعد)، بعد أن تسيّدت على عرش التجارة العالمية، على الأقل منذ منتصف القرن الماضي، وذلك على خلفية تفوق الولايات المتحدة في الحربَين العالميتين، وتراجع مستويات دول مؤثرة كانت تعتبر ضامناً مالياً وسياسياً وعسكرياً.
وتفضل التجارة الخارجية، عادةً، الاعتماد على عملات مضمونة تكتسب قوتها من اقتصاد الدولة المالكة لها، وهو ما فرض تحولات متعددة خلال قرون، تسيّدت فيها عملات محددة، فيما تراجعت أخرى، من بينها الجنيه الإسترليني، بدعم من المملكة المتحدة حين كانت توصف بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، كما ساد الفرنك الفرنسي ردحاً من الزمن، فضلاً عن المارك الألماني، وكذلك الخلدن الهولندي.
ومع بداية السبعينيات صار العراق، على وجه الخصوص، يعتمد على الدولار الأمريكية كعملة رئيسية في خزن وارداته المالية، نظراً لارتباط مبيعات النفط بالدولار ابتداءً من هذه المرحلة، واستمر هذا الحال حتى منتصف التسعينيات، حين صارت مبيعات النفط يتم تخزينها باليورو، وفق ما تم الاتفاق عليه في (مذكرة النفط مقابل الغذاء)، لكن التعامل بالدولار حصريا عاد مجدداً ليتحكم بالتجارة والموارد العراقية بالكامل ابتداءً من عام 2003.
ويسوّق العراق جميع صادراته النفطية إلى الأسواق الآسيوية، وتعتبر الهند ومن بعدها الصين أوائل المشترين، لكن واردات هذه المبيعات تتحول جميعها إلى دولارات يتم وضعها حصرياً في البنك الفيدرالي الأمريكي، ما يجعلها خاضعة لسياسة البيت الأبيض وشروط واشتراطات الخزانة الأمريكية، وهو الواقع الذي جعل العراق بمثابة الذي يملك ولكن لا بستطيع التحكم بأملاكه.
وبالتالي صار يتطلب من بغداد الخروج من قيود الدولار ودائرة التعامل به، من خلال الاعتماد على مختلف ما موجود في سلة العملات العالمية، وتحديداً كل ما يرتبط بحركة التجارة مع دول آسيا الكبرى، بحكم ارتباط العراق بآسيا جغرافياً وتجارياً، وحتى ثقافياً وروحياً، وهو ما تفرضه قواعد الجيوبولتيك، وهي كلها مقدمات لإعادة تموضع العراق سياسياً بعد حالة التَيْه التي عاشها على مدار 20 سنة جراء الغزو الامريكي، وباعتبار العراق دولة شرقية لا يمكن لها أن تكون غربية تحت تهديد سلاح الدولار الذي صار يتطلب حرقه.
#شبكة_انفو_بلس