حين تتحول الخارجية العراقية إلى منصة حزبية
من هنا نستغرب أن يقوم الوزير باتخاذ إجراءات والإعلان عن مواقف غير معتمدة من قبل هذا الائتلاف الحاكم، ولا تحظى بتأييد الأطراف السياسية الممثلة للمكونات العراقية، شيعية كانت أو سُنية، بما فيها القوى الكردية المؤثرة في النصف الثاني من الإقليم
كتب / سلام عادل
يبدو من الضرورة في مثل هذه الأوقات التي تعيشها البلاد مناقشة ما يحدث بمنطقية، وبعيداً عن الملاسنات الإعلامية التي لا فائدة منها في كل الأحوال، وهو ما يعني بالضرورة رصد المواقف السياسية على نحو واسع، وتتبع وتحليل الإجراءات الرسمية المتخذة من قبل الحكومة الاتحادية، على وجه الخصوص وزارة الخارجية التي يديرها الوزير فؤاد حسين باعتباره مكلفاً من قبل (ائتلاف إدارة الدولة).
ومن هنا نستغرب أن يقوم الوزير باتخاذ إجراءات والإعلان عن مواقف غير معتمدة من قبل هذا الائتلاف الحاكم، ولا تحظى بتأييد الأطراف السياسية الممثلة للمكونات العراقية، شيعية كانت أو سُنية، بما فيها القوى الكردية المؤثرة في النصف الثاني من الإقليم، وهو ما يتضح على الأقل من خلال غياب البيانات التي تتعلق بأحداث قصف مقرات متقدمة تابعة للموساد الإسرائيلي في أربيل من قبل الحرس الإيراني.
ولم تظهر مواقف سياسية من القوى العراقية تعترض على نحو واضح على الإجراء الإيراني الذي يخدم بالدرجة الأساس الأمن القومي العراقي، باعتبار أن تواجد الموساد داخل الأراضي العراقية يتطلب مواجهة حاسمة لا مجال فيها للنقاشات أصلاً، سيما أن الإقليم بات مرتعاً لمختلف أشكال المخابرات الدولية، وهي حالة معروفة في ظل غياب المنظومة الأمنية المركزية عن العمليات هناك، يشمل ذلك المعابر الحدودية والمطار.
وتصل أحيانا دلائل التخادم والتخابر مع الإسرائيليين إلى مستويات خطيرة، على سبيل المثال التأييد الإسرائيلي للاستفتاء على الانفصال الذي أجراه الحزب الديمقراطي الكردستاني سنة 2017، وهو التأييد الدولي الوحيد، كما تشكل عملية تصدير نفط الشمال إلى إسرائيل حالة أخرى تاخذ أبعادا اقتصادية وتجارية وربحية، ما يجعل ما يجري بأكمله يتقاطع مع الموقف العراقي الثابت تجاه إسرائيل منذ 75 سنة، والذي عبّر عنه مؤخراً رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في قمة القاهرة.
ولهذا باتت بوصلة الانتقادات تتوجه إلى (الوزير فؤاد حسين)، باعتباره صار يحرك الجهاز الدبلوماسي العراقي وفق المشتهيات الحزبية التي تتبناها العائلة البارزانية، وإلا ما هو تفسير هذه الفزعة باتجاه المحافل الدولية طلباً لإدانة إيران، في حين سكت هذا الوزير نفسه عن الاعتداءات التركية المستمرة منذ سنوات، والتي طالت حتى المصايف والمنتجعات السياحية، ولم تترك أي قرية أو قصبة في الإقليم خارج راداراتها بعد أن اجتاحت الأراضي وأسست لقواعد ثابتة.
والأكثر استغرابا أن الوزير الكردي راح يستصرخ الدول العربية ويحرضها إلى اجتماع طارئ، لأن إيران قصفت مقرات متقدمة للموساد، في الوقت الذي ظل على الصامت تجاه الإعدامات الأمريكية المتواصلة بالطائرات المسيرة لعراقيين ينتسبون لمؤسسات أمنية عراقية رسمية، راح ضحيتها قرابة 20 شخصاً، وحصل كل ذلك بجنحة الشبهة والاشتباه بكونهم متعاطفين مع الفلسطينيين في غزة، وهو التعاطف الذي تتبناه الدولة العراقية بأكملها على المستوى الشعبي والرسمي والمرجعيات الدينية المسيحية والمسلمة.
ولعل هذا الجدل المنطقي الذي صار يضاعف حجم الأسئلة ويزيدها، حول محركات الدبلوماسية العراقية ومساراتها الاستراتيجية التي ينبغي عليها النظر إلى مصلحة البلاد العليا وليس مصلحة حزب معين، هو يبقى جدل مهم يفرض إعادة النظر بتكليف هذا (الوزير الحزبي) الذي لا يهتم بغير مصالح الحزب، حتى ولو كانت مصالح تنطوي على خيانات كبرى تتعارض مع الدستور ومع القوانين، ومع ومتبنيات الشعب الوطنية والدينية والأخلاقية.
#شبكة_انفو_بلس