عن الضلع الناقص في المنظومة الأمنية العراقية
كتب / سلام عادل
لم يكن (كاظمي + فريقه المأزوم) مجرد (مجموعة فساد) تولت مناصب مؤثرة في لحظة غفلة من الزمن، وإنما هم (مجموعة إفساد) كانو يتحركون داخل الدولة منذ عام 2014 ضمن برنامج ومخططات تستهدف إسقاط كل شيء لغرض الوصول الى المرحلة الصفرية، وهو ما يسمح لهم بالاستحواذ على السلطة وبناء نظام سياسي على مزاجهم بمقاسات تحاكي النسق الصدامي.
ويمثل الانحراف في عمل جهاز المخابرات أحد الأمثلة حول ما كان يجري، حيث وصل الأمر الى أن يتحول الجهاز الى مليشيا سياسية تقوم بعمليات التخادم والتخابر والخطف والاغتيال والتعذيب بشكل علني، فضلاً عن التآمر والتسقيط الإعلامي وتهريب النفط ونهب أموال الدولة والهيمنة عل كافة المؤسسات الحكومية والوزارات.
ومازال يحيط بكاظمي حتى هذه اللحظة نحو 100 ضابط ومنتسب من الجهاز تحت عنوان حمايات خاصة، فيما قام بتخصيص افراد اخرين مع سيارات لحماية عدد من افراد اسرته، من بينهم شقيقيه (صباح ومالك)، بل وحتى زوج ابنة اخته (علي المعموري) الذي يعمل معه بصفة مستشار على الرغم من كونه استرالي الجنسية، وابن اخته الاخر (عمار البلداوي) الذي يعمل بصفة نائب محافظ صلاح الدين.
وقد قام كاظمي خلال السنوات الثماني التي مضت بتعيين اقرباء بعض المسؤولين وابناء عدد من النواب ومقربين من رؤساء الاحزاب السياسية في جهاز المخابرات لغرض استخدامهم كعناصر تأثير وتجسس لصالح مخططاته، ويشمل ذلك شراء ذمم إعلاميين وفنانين وشخصيات عامة، بما فيها محللين سياسيين من على شاكلة رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، الذي خصصت له سيارة من جهاز المخابرات مع منتسبين اثنين لغرض الحماية.
ويكفي لإثبات انحرافات جهاز المخابرات فضيحة تهريب النفط الخام التي كانت تجري احداثها يومياً تحت إدارة وإشراف (مركز العمليات الوطنية/ نوك) الذي يشرف عليه ضياء الموسوي واخرين من فريق كاظمي، أو حتى فضيحة نهب أموال الضرائب العامة التي توصف بفضيحة القرن.
ولعل جريمة قتل مواطن امريكي يعمل بصفة معلم لغة انگليزية في بغداد قبل اسبوعين، يذكرنا بجريمة اغتيال هشام الهاشمي التي وقعت احداثها مع بداية تولي كاظمي السلطة، والتي كان الغرض منها خلط الاوراق ما يسمح بكتابة لوائح اتهام وصناعة بروباغندا كاذبة لخداع العالم، وهو العمل الذي يمارسه كاظمي وفريقه المأزوم منذ عدة سنوات.
ومن الواضح أن أعضاء (الفريق المأزوم) يمتلكون أموالاً هائلة اليوم، في حال لم يتم محاكمتهم ووضعهم في السجون وسوف يستمرون بمخططاتهم الخبيثة ضد الاستقرار السياسي في البلاد، ويظهر ذلك من خلال تزايد التقارير الإعلامية التي تهاجم الحكومة الجديدة في بعض المواقع الامريكية، مثل معهد واشنطن وفورن بولسي وايكسيوس، وهي كلها مواقع معروفة بنشر مقالات مدفوعة الثمن على صلة بالفريق المأزوم.
وازدادت حوادث الحرائق المفتعلة بشكل واضح منذ خروج كاظمي وفريقه المأزوم من السلطة، والتي بدأت مع انفجار صهريج محمل بالغاز في حي البنوك في بغداد، ثم تبعه حادث حريق هائل لمخزن عطور في الوزيرية، وبعدها حوادث حريق في صالات الاستقبال داخل مطار بغداد على مرحلتين في غضون ثلاثة أيام، وهي كلها حوادث تكشف عن وجود دور بشري خبيث يتحرك في الخفاء هنا وهناك.
وعلى الرغم من القدرات الكبيرة التي تمتلكها الدولة ضمن جهودها الأمنية، ويتمثل ذلك بوجود قرابة مليون ونصف منتسب في كافة صنوف القوات المسلحة العراقية، إلا أن بسط الأمن ليس جهداً عسكرياً فقط، وإنما تطبيقات متعددة التخصص، منها نفسي، ومنها إعلامي وإداري وسياسي وقانوني، بل وحتى صحي واقتصادي، وهي كلها تخصصات مدنية تلعب أدواراً مؤثرة في فرض قواعد الأمن الوطني الشامل، وهو ما تحتاجه البلاد الان، لان التخصصات المدنية حتى هذه اللحظة مازالت تمثل الضلع الناقص في المنظومة الأمنية.