عن (نسوان أمريكا) التي تقود العسكر العراقيين
كان ينبغي في حال أرادت الإدارة الأمريكية إجراء حوارات أمنية وتفاهمات عسكرية المجيء بنفسها الى بغداد، بدل أن يذهب قادة الصنوف الامنية والعسكرية العراقيين بهذا الشكل الجماعي، مع وزير الدفاع شخصياً، الى واشنطن وكأنهم في رحلة مدرسية سياحية
كتب / سلام عادل
الصورة التي بثتها السفارة الأمريكية في بغداد حول تواجد (وفد أمني عراقي) في واشنطن، إنما هي صورة تثير السخرية والاشمئزاز في نفس الوقت، حيث من غير المعقول تواجد ما لا يقل عن 20 قائداً ومسؤولاً أمنياً عراقياً، يحملون أرفع وأعلى الرتب العسكرية، وبهذا الحجم والعدد وفي وقت واحد داخل عاصمة دولة أجنبية، سبق لها أن قامت باحتلال البلاد وتحطيم قدراتها العسكرية أكثر من مرة.
وكان ينبغي في حال أرادت الإدارة الأمريكية إجراء حوارات أمنية وتفاهمات عسكرية المجيء بنفسها الى بغداد، بدل أن يذهب قادة الصنوف الامنية والعسكرية العراقيين بهذا الشكل الجماعي، مع وزير الدفاع شخصياً، الى واشنطن وكأنهم في رحلة مدرسية سياحية تحت متابعة وإشراف (المعلمات)، وهو ما يتضح في الصورة المستفزة للمشاعر الوطنية العراقية.
ويظهر أن وزير الدفاع العراقي (ثابت العباسي)، قد قبل على نفسه أن يتوسط صورة رسمية بين سفيرة من جانب ومساعدة وزير من جانب آخر، دون أن يكون نظيره وزير الدفاع الأمريكي (لويد اوستن) حاضراً، وهي تعني الكثير وفق قواعد المراسيم والبروتوكولات بين الدول، ولكن يبدو أن الوزير لا يفهمها، وكذلك مستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية (خالد اليعقوبي)، الذي يبدو هو الآخر يتصرف بعقلية لاجئ سابق، أو مزدوج جنسية، وليس مستشاراً أمنياً لدولة ذات سيادة.
ومع ذلك أجرى الوفد العراقي الأمني (حوار طرشان)، سبق وأن تم إجراء نسخ عديدة مشابهة له من قبل الحكومات العراقية السابقة مع الإدارات الامريكية المتعاقبة، ولكن بعناوين مختلفة، دون أي فائدة، وهو ما يُعد مؤشراً على (الكلاوات السياسية) التي تعتمدها الإدارة الأمريكية لإدامة هيمنتها على العراق منذ لحظة احتلاله عام 2003.
وسبق للعراق أن وقّع مع الأمريكان اتفاقية (الإطار الاستراتيجي) في عام 2008، ظلت مجرد حبر على ورق، والدليل حين تخلى الامريكان عن العراق لحظة اجتياح داعش للموصل، من دون حتى تقديم مساعدة عاجلة بواسطة سلاح الجو الامريكي الذي كان يتواجد في عدة قواعد قريبة من العراق، والذي كاد لوحده كفيل بإيقاف الغزو الارهابي قبل أن يتمدد في ثلاث محافظات.
وتكررت جولات الحوار بين بغداد وواشنطن مرة أخرى في تموز 2021، بإشراف حكومة (كاظمي الغدر)، وبعد مرور أشهر على اغتيال قادة النصر بدم بارد في داخل مطار بغداد المدني، وكان هذا (الحوار الأحول) غير المعلن وغير المفهوم، والذي ولم تصدر عنه أي مخرجات، على الرغم من تسميته بـ(الحوار الاستراتيجي).
وهذه المرة أيضاً تعود مسرحية الحوارات مجدداً تحت عنوان جديد، الهدف المعلن منه تشكيل (لجنة التنسيق العليا الامريكية - العراقية)، التي ستقوم بعقد سلسلة حوارات مستقبلية أخرى لا أحد يدري متى تنتهي، وهو ما يؤكد حجم المهزلة التي تحصل على المستوى السياسي والأمني في البلد.
ويتزايد حجم السخافة أكثر حين يؤكد البيان الأمريكي الصادر عن السفارة بمناسبة الحوار الجديد، والذي جرى نشره على الموقع الرسمي صباح الأربعاء 9/ آب/ 2023، أن القواعد العسكرية الامريكية في العراق، وما تحتويه من عناصر العمليات الخاصة، فضلاً عن منظومات الاستخبارات التي تتجسس على العراقيين وعلى دول الجوار، وكذلك تشكيلة الطائرات المروحية والقتالية والمسيرة، هي قواعد تخلو من وجود لقوات قتالية امريكية !!!.
ولا ندري كيف تقبل الحكومة العراقية، أن يتم فرض أمر واقع بحسب مضامين البيان الامريكي، حصول شراكة بين الجيش الامريكي وما يسمى (البيشمرگه)، وهي مجرد مليشيات حزبية لا تخضع لقيادة بغداد، وليس لها أي شرعية دستورية أو قانونية ؟!.
ويفرض البيان الامريكي على العراق القبول بسياسة إعادة اندماج الدواعش في المجتمع المحلي، في حين لا يجري الضغط على البلدان التي ينتمي لها الدواعش لقبول عودة مواطنيهم الارهابيين، أو السماح بعودتهم مع المواليد الجدد التابعين لهم، وكأن العراق ينبغي أن يبقى (سلّة نفايات الإرهاب العالمي).
وفي الختام .. كان ينبغي على العراق، وبعد 7 سنوات على اندحار داعش، أن يذهب نحو إعلان حل التحالف الدولي، وإنهاء حالة التواجد العسكري الاجنبي على الأرض العراقية بصورة شاملة، بما فيها إقليم الشمال، من دون لفّ ودوران، ولا حتى الحاجة لحوارات سخيفة تتم إدارتها من قبل (نسوان أمريكا)، مثل السفيرة الامريكية في بغداد (رومانسكي)، ومساعدة وزير الدفاع الامريكي (سيليست والاندر)، ولا حتى رئيسة بعثة يونامي (جنين بلا سخارت)، لأن العراق دولة وليس (حمام نسوان).
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس