عندما فرض القضاء العراقي معادلة حماية الشمال والجنوب
مع كل هذه الصلافة الكويتية والملاسنة التي اشتملت على تسقيط بعض الجهات العراقية، من بينها مجلس النواب والخارجية العراقية، إلا أن هذه التصرفات لم تحرك وزير الخارجية، ولا رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي الذي ظل ساكتاً وعلى الصامت أمام الادعاءات الكويتي
كتب / سلام عادل
يتابع الشارع العراقي ما يحصل من أحداث وأزمات كبرى تحيط بالبلاد من ناحية حدوده الشمالية والجنوبية على حد سواء، حتى وصل الأمر الى مطالبة الكويت بالحصول على المنفذ الملاحي البحري الوحيد الذي يملكه العراق، وهو خور عبدالله التميمي، والذي طالبت به الكويت بصوت عال وبسلاطة لسان سمعناها من بعض نواب مجلس الأمة الكويتي.
ومع كل هذه الصلافة الكويتية والملاسنة التي اشتملت على تسقيط بعض الجهات العراقية، من بينها مجلس النواب والخارجية العراقية، إلا أن هذه التصرفات لم تحرك وزير الخارجية، ولا رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي الذي ظل ساكتاً وعلى الصامت أمام الادعاءات الكويتية، وأمام الموقف الخليجي بشكل عام الذي قرر الوقوف الى جانب الكويت على حساب العراق.
ولم يتصدَّ أحد لهذه القضية من الأوساط العراقية الرسمية على نحو مقبول، باستثناء دور بارز من النائب سعود الساعدي رئيس كتلة حقوق النيابية، الى جانب عضو مجلس النواب عالية نصيف، مع تضامن هنا وهناك، في حين غطى المكون الكردي رأسه بالتراب تجاه هذه القضية الوطنية المهمة، ومعهم غطى المكون السُني رأسه وجميع أجزاء جسده في التراب.
ولطالما تبجّحت قوى المكون السُني بعلاقاتها مع أطراف دول الخليج، ولطالما صدَّعت رؤوسنا بالعمق العربي والخليجي الذي ينبغي على العراقيين عدم التفريط به، على الرغم من كون العراق لم يجنِ من جيرانه الخليجيين غير التآمر والحصار وتسللات الإرهابيين القتلة الذين أغرقوا شوارع البلاد بالدم والدموع.
ومع ذلك لم تضع حكومات دول الخليج أي اعتبار لسُنة العراق ولا حتى أكراده، فضلاً عن حسن النوايا التي تبديها القوى الشيعية من منطلق احترام دول الجوار، وذلك حين اصطفّت دول مجلس التعاون الخليجي ضد العراق في قضية ترسيم الحدود التي ستسلب العراق ممره الملاحي الوحيد في مياه الخليج.
وهنا ينبغي الإشادة بالدور اللافت للسيد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، الذي تصدى من جانبه بشجاعة وبموقف وطني سيسجل في التاريخ للسلطة القضائية، حين أصدرت المحكمة الاتحادية حكما ملزماً للحكومة العراقي بعدم الأخذ بكل ما جرى التفاهم عليه بصورة مجحفة بين العراق والكويت، قد يؤدي الى خسارة حدود العراق التاريخية او ممراته الملاحية.
وستشكل أحكام المحكمة الاتحادية ومقررات القضاء العراقي ظهيراً سانداً للمفاوض العراقية، في حال دخل بجولة مفاوضات جديدة تتعلق بترسيم الحدود بين البلدين، علاوة على أن هذه الأحكام القضائية الملزمة ستمنع أي محاولة شراء ذمم مستقبلية عبر استخدام المال السياسي، الذي يتبجح الكويتيون بقدرتهم على استخدامه ليكون حاسما لصالحهم.
ومن هنا تأتي أهمية السلطة القضائية العراقية في حماية البلد من أي خيانات ترتبط بالقضايا السيادية، ويشمل ذلك القضايا الداخلية محل الخلاف التي قد تؤدي أيضاً الى إضعاف السلطة الاتحادية بكامل مفاصلها، وهو ما ظهر بوضوح في جملة من الأحكام والمواقف الخاصة، على سبيل المثال، بالمشاكل المتعلقة بالإقليم والمركز.
ولعل سلسلة الأحكام الأخيرة التي أصدرتها المحكمة الاتحادية بخصوص إقليم كردستان، قد ساهمت في ضبط اتجاهات العملية السياسية ومساراتها على الخريطة الدستورية، وهي حالة لم تكن معهودة في الحقب السابقة، التي سادت فيها التوافقات الخارجة على الدستور والمصلحة الوطنية العليا للبلاد.
ولهذا ظهرت السلطة القضائية كحامي للبلاد من شماله الى جنوبه، كما منحت السلطات الشرعية الاتحادية قوة إضافية لفرض معادلة الدولة الوطنية، وهو ما يريده كل مواطن عراقي.
#شبكة_انفو_بلس