فلسطين في المونديال
يروى أن أشهر مبشر أمريكي مطلع القرن الحادي والعشرين، "صموئيل زويمر" (المتوفى في العام 1953) والذي كان ينشط في مصر والمنطقة العربية، عقد لقاءا تبشيريا كبيرا وبعد ساعات من الكلام سكت برهة.
يروى أن أشهر مبشر أمريكي مطلع القرن الحادي والعشرين، "صموئيل زويمر" (المتوفى في العام 1953) والذي كان ينشط في مصر والمنطقة العربية، عقد لقاءا تبشيريا كبيرا وبعد ساعات من الكلام سكت برهة، وعم الصمت المكان فهتف أحد الحضور "وحدوه" ورد الجميع خلفه: لا إله إلا الله، فما كان من زويمر إلا أن ضرب كفا بكف متألما على جهده الذي ذهب أدراج الرياح.
لست متأكدا من صحة الرواية التي نقلها الداعية الراحل الشيخ عبد الحميد كشك ولا مشغولا بتوثيقها، فما يهمني منها هو النتيجة المحبطة التي وصل إليها ذلك المبشر الشهير، وهو ما ينطبق تماما على الجهود الكثيفة للتطبيع والتي أنفقت عليها مليارات الدولارات، وكانت نتيجتها حتى الآن محبطة لأصحابها..
بين الحين والآخر تظهر صيحات مشابهة لصيحة "وحدوه" لكنها هذه المرة "فلسطين" أو "القدس" أو "غزة"، فتصبح مثل عصا موسى (تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ). أحدث المحطات أو الصيحات هي بطولة كأس العالم المقامة في قطر حاليا، والتي تعتبر فلسطين الغائب الحاضر فيها، فرغم عدم وجود فريق كرة قدم فلسطيني في الدورة، إلا أن علم فلسطين كان يرفرف بين أعلام الدول في حفل الافتتاح، كما أن العلم ذاته ظل مرفوعا في كل المباريات تقريبا، إلى جانب علمي الدولتين المتنافستين في كل مباراة.
لم يقتصر الأمر على العلم الفلسطيني الحاضر دوما، لكنه تعداه إلى مواجهات مباشرة مع ممثلي إعلام الاحتلال الصهيوني الذين قدموا لتغطية المونديال، وحاولوا خلال تغطياتهم إجراء مقابلات مع بعض المشجعين العرب، لكنهم رفضوا ولقنوهم درسا في ضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني. وقد عبر المراسلون الإسرائيليون عن إحباطهم وخيبة أملهم في الشعوب العربية التي ظنوا أنها نست اعتداءاتهم، وأنها أصبحت غارقة في عسل التطبيع وسمنه، حتى المشجعون الخليجيون الذين كانوا محط آمال المراسلين الصهاينة خيبوا ظنهم، وأثبتوا أنهم لا يقلون التصاقا بالقضية الفلسطينية أو مناهضة التطبيع عن باقي أشقائهم العرب (قال رازشيشينيك المراسل الإسرائيلي لموقع ذي أتلانتك الأمريكي إن تجربتي في قطر أنهت أي أمل بتحسين علاقتنا مع الشعوب العربية).
نكتفي هنا بما نشرته "يورونيوز" عن صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية التي رأت أن المشجعين العرب مارسوا التنمر ضد المراسلين الإسرائيليين، الذين وجدوا أنفسهم يتلقون الدرس نفسه في قطر بعد 26 سنة من اتفاق أوسلو وبرغم اتفاقات أبراهام التي أطلقت صافرة التطبيع بين الكيان وأربع دول عربية؛ هي الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
كما أشارت الصحيفة إلى أن مونديال قطر أثبت أن المزاج العام في الوطن العربي لا يزال ينفر من إسرائيل، رغم محاولات بعض القادة وبعض المواطنين العرب إظهار وجه آخر فخُيّل بعدها لبعض الإسرائيليين أنهم باتوا يحظون بالقبول في الوطن العربي!!
وسردت جيروزاليم بوست مجموعة من المضايقات التي تعرض لها الصحفيون من قبل المشجعين العرب في قطر، وقالت قد يوجد تفسير لحالة النفور التي قوبل بها الإعلاميون الإسرائيليون وهو أن اتفاقات أبراهام كانت بين الحكومات وليس بين الشعوب، إذ أن تلك الحكومات العربية هي شمولية بدرجات وبالتالي فإن رغبتها في عقد سلام مع إسرائيل لا تعكس بالضرورة رغبة الشعوب التي تحكمها بحسب الصحيفة.
#شبكة_انفو_بلس