في العراق .. خلال كل شهرين تحصل (سرقة قرن) جديدة !
المشكلة أن هذه الخسائر المالية الكبرى لا أحد يتحمل مسؤوليتها، مع كونها من الأموال العامة التي ينبغي مساءلة من يقوم بهدرها بهذا الشكل، بل وينبغي محاكمة الأطراف التي تتسبب بضياعها، وعلى رأسهم محافظ البنك المركزي.
كتب / سلام عادل
بمجرد تتبُّع مبيعات الدولار عبر نافذة بيع العملة التي يُشرف عليها البنك المركزي، يتضح أن العراق يخسر يومياً من خزينة الدولة بحدود 35 مليون دولار، والتي هي قيمة الفارق لقاء الدولارات المدعومة التي يعرضها البنك المركزي أمام المصارف، وهو ما يجعل الدولار في العراق أرخص من بقية دول العالم، خصوصاً عند بعض دول الجوار، مثل الأردن والإمارات، اللتَين تتزاحمان من أجل شراء الدولار من العراق وتحويله إلى الخارج.
وتبلغ خسارة 35 مليون دولار يومياً في حدود شهرين إلى ما يزيد على 2 مليار دولار، وهي قيمة صفقة فساد القرن التي اشتُهرت في العراق باسم (قضية نور زهير)، والمتمثلة بسرقة مبالغ الضمانات الضريبية، وهو ما يعني أن العراق خلال الأشهر الثمانية الأخيرة قد وقعت فيه 4 مرات سرقة قرن متتالية، وذلك بسبب بقاء نافذة بيع العملة التي يُديرها البنك المركزي.
والمشكلة أن هذه الخسائر المالية الكبرى لا أحد يتحمل مسؤوليتها، مع كونها من الأموال العامة التي ينبغي مساءلة من يقوم بهدرها بهذا الشكل، بل وينبغي محاكمة الأطراف التي تتسبب بضياعها، وعلى رأسهم محافظ البنك المركزي.
وبمقدور جهات عراقية عديدة، من بينهم أعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب، رفع دعوى قضائية أو تسجيل بلاغ لدى الادعاء العام ضد محافظ البنك المركزي (علي العلاق)، وفق أحكام المادة (340 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969)، جراء الهدر المتعمد للمال العام بشكل يومي ومنذ عدة سنوات.
وتنص المادة 340 (يعاقَب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس لكل موظف أو مكلف بخدمة عامة أحدث عمدا أو ضررا بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأشخاص المعهود بها إليه).
وتعود مشكلة بيع الدولار من قبل البنك المركزي العراقي الى عام 2007، إلا أنها كانت بصيغة (مزاد) خلال فترة المحافظ سنان الشبيبي، وكان هذا المزاد يُعد بمثابة (سوق تجارية حقيقية) تخضع لقاعدة العرض والطلب، وهو ما قد يكون مقبولاً الى حد ما، إلا أن بيع الدولار تحول الى (نافذة) خلال فترة المحافظ علي العلاق، وهو عبارة عن (سوق تجارية وهمية)، لكونها تتسبب بخسارة تتحملها خزينة الدولة من واردات النفط.
ولا يوجد مثيل لنافذة بيع العملات الاجنبية بالشكل الذي يرعاه البنك المركزي العراقي في أي دولة من دول العالم، ولهذا يعتبر العراق استثناءً إلا في حدود تجربة مريضة واحدة حصلت في ايطاليا، وتم التراجع عنها بسبب عدم جدواها وأضرارها المترتبة على الاقتصاد والتنمية.
وتتضح أضرار (النافذة) على الاقتصاد العراقي من خلال متابعة النشاطات المصرفية للبنوك والمصارف العراقية عموماً، لكونها باتت غير مشاركة في عملية التنمية، باعتبار أنها باتت تفضل الاكتفاء بالربح اليومي السريع الذي تحصل عليه من (النافذة)، وهي أرباح تصل أحياناً الى نسبة 17%.
وهو ما جعل المصارف العراقية عبارة عن (دُببة كسولة) لا تفعل شيئا سوى تناول الطعام وهي نائمة، ولم يخرج من هذه الحالة إلا بعض الاستثناءات التي حصلت كأمر واقع، مثل (مصرف الطيف)، على سبيل المثال، وهو أحد المصارف الـ14 التي تم إبعادها مؤخراً عن نافذة بيع الدولار، حيث صار هذا المصرف يبحث عن عروض استثمارية تسمح له بالتربّح لقاء ما يملك من كتلة نقدية.
وبالتالي يتطلب عقد جلسة برلمانية خاصة، بطلب من الأغلبية البرلمانية المريحة، لتغيير قانون البنك المركزي الذي يعمل وفق (الأمر رقم 56) الذي شرّعه بريمر، كبداية لتصحيح عمل هذا البنك، وهو ما يسمح بإعادة هيكلة كوادره وتصحيح مسار عمله وفق سياسة نقدية مفيدة للبلاد لا تقوم على أساس هدر المال العام، الذي صار يصل الى خسارة 2 مليار دولار في كل شهرين.
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس