ماذا ينبغي أن نفعل في أيام ثورة العشرين ..؟

تعوّدنا في كل عام على موجات من الشوشرة تندلع عادةً في مواقع التواصل الاجتماعي، باتجاه جعل استذكار الثورة محل صراع طائفي، وهي شوشرة مقصودة، تندرج ضمن جهود تعكير أجواء الاحتفال السنوي بهذه المناسبة
كتب / سلام عادل
تستذكر البلاد في 30/ حزيران، مرور 105 أعوام على اندلاع ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني، الذي وصلت قواته الغازية موانئ البصرة بجيش قوامه جنود هنود، يقودهم جنرالات وضباط إنگليز، وكان هدفهم ضم العراق كمستعمرة، على خلفية انهيار الدولة العثمانية، التي تركت بلاد المسلمين تحت رحمة المنتصرين في الحرب العالمية الأولى.
ومع كون العراق لم يكن إرثاً للدولة العثمانية، ولا حتى بلداً بلا تاريخ، إلا أن العاصمة البريطانية لندن، وبسبب تفوقها العسكري، كانت تستولي مثل القراصنة على كل ما يقع تحت يدها بقوة السلاح، سواء كان أرضاً أو شعباً أو حضارات، والمسار الأسود هذا ما زال قائماً حتى هذه اللحظة، بل ويشكل خطاً في رسم السياسات الحالية لدول عظمى أخرى تتقدمهم الولايات المتحدة الأمريكية.
وتعوّدنا في كل عام على موجات من الشوشرة تندلع عادةً في مواقع التواصل الاجتماعي، باتجاه جعل استذكار الثورة محل صراع طائفي، وهي شوشرة مقصودة، تندرج ضمن جهود تعكير أجواء الاحتفال السنوي بهذه المناسبة، ولا شك من يقف خلفها جهات خارجية ما زالت تتبنى سياسة الهيمنة على البلدان والشعوب الأخرى، والتي ترى في متبنيات ثورة العشرين عدواً فكرياً يُعيق طموحاتها وأحلامها ومخططاتها.
ومن هنا ينبغي أن يكون الاحتفال بذكرى ثورة العشرين من المتبنيات الأساسية لدى الدولة ومؤسساتها الحكومية، وينبغي أن يساند هذا التوجه جميع القوى السياسية والمرجعيات الدينية، وذلك لكون هذه الثورة الشعبية، التي شارك فيها رجال الدين ورجال العشائر والأفندية على حد سواء، قد انتزعت جراء حراكها الواسع بين مختلف المكونات دولة عصرية، حصلت على استقلالها وصارت عضواً معترفاً به لدى النظام الدولي.
ولهذا يتطلب من الأهالي، ومن وسائل الإعلام تحديداً، إبراز مخرجات الثورة وجعل ملامحها العامة مظهراً عاماً في البلاد خلال هذه الأيام، على الأقل تقديراً لتضحيات ودماء 10 آلاف عراقي، من مختلف الدماء والانتماءات، سالت على الأرض بهدف إقامة دولة وطنية مستقلة عاصمتها بغداد، وهي الدولة التي نعيش في ظلها حالياً ونحمل هويتها.
وليس المطلوب أكثر من أي مواطن غير التعبير بمنشورات تليق بما فعله الأجداد، وتمجّد بأدوار جميع المناضلين والمجاهدين والنخب الثقافية والسياسية، فضلاً عن ارتداء الأزياء الشعبية التراثية، التي تمثل مختلف الأديان والأعراق، وهي خاصية تنوع جعلت من العراق مركز ثراء، نظراً للتعددية الاجتماعية التي تعايشت على مدار القرون، والتي ينبغي لها أن تدوم وتستمر مع جيل الأبناء والأحفاد.
#شبكة_انفو_بلس