مجالس محافظات تحت مجلس نواب "عاطل"
لعل محمد الحلبوسي، المقال بجريمة التزوير المخلّة بالشرف، يعتبر صاحب السيرة الأكثر تأكيداً لهذا المسار، باعتباره بدأ حياته السياسية من مجالس المحافظات عضواً في مجلس الأنبار، ثم محافظاً لها، ومن بعد صار المنصب جسراً لعضوية مجلس النواب، ثم رئيساً للمجلس.
كتب / سلام عادل
يجري الحديث عن انتخابات مجالس المحافظات باعتبارها مدخلاً لإتمام عملية الإعمار والبناء التي تنتظرها البلاد منذ سنوات، مع كون هذه المجالس عبارة عن مزارع لتسمين صغار الحزبيين، وترويضهم ليكونوا محترفين في لعبة (الاقتصاديات الحزبية)، ومن ينجح منهم سينتقل فيما بعد لمرحلة أعلى، وهي مجلس النواب، وهو الهدف الأسمى الذي تطمح له الكوادر السياسية باعتباره مخزن (الكشخة) والوجاهة والنفوذ.
ولعل محمد الحلبوسي، المقال بجريمة التزوير المخلّة بالشرف، يعتبر صاحب السيرة الأكثر تأكيداً لهذا المسار، باعتباره بدأ حياته السياسية من مجالس المحافظات عضواً في مجلس الأنبار، ثم محافظاً لها، ومن بعد صار المنصب جسراً لعضوية مجلس النواب، ثم رئيساً للمجلس، ومن بعد زعيماً لحزب تقدم، وهو الحزب الذي يوصف أحياناً بكونه "شركة" لإدارة المقاولات في طول البلاد وعرضها.
ولا شك من كون الركض خلال الأيام القادمة سيكون باتجاه التفاهمات والمفاوضات الخاصة بصفقات اختيار المحافظين، على الأقل حتى مطلع العام القادم حيث تنتهي فيه العطلة التشريعية، وقد يكون، أو ربما، تنتبه القوى والكتل السياسية إلى ضرورة سد الفراغ في أعلى سلطة تشريعية ورقابية في البلاد، وهو مجلس النواب، الذي غاب وغيّب نفسه منذ سنوات عن المهام الدستورية المكلَّف بها، باستثناء صفقة تشكيل الحكومة وإقرار موازنتها التي تصب ثلاثة أرباعها في جيوب المتنفذين.
وعلى أي حال، ليس متوقعاً حصول نسبة مشاركة واسعة في انتخابات مجالس المحافظات، كما كان متوقعاً في انتخابات مجلس النواب الأخيرة، أو التي سبقتها، وهذه حالة طبيعية ترتبط بطبيعة السلوك السياسي المخجل، والذي لطالما خذل الناخبين وغدر بهم، ولن يغير من هذه المعادلة مختلف أشكال التسويق الأنيق الذي يُراد من خلاله بيع (الكلاوات) على المواطنين، باعتبار أن مجالس المحافظات ضرورة لتطبيق البرنامج الحكومي.
ولابد لنا من الإشارة هنا، وفي حال توجد جدّية فعلاً لتنفيذ البرنامج الحكومي، إلى أن (البرنامج) تضمن فقرة أساسية وضرورية ضمن (ورقة الاتفاق السياسي)، تقضي بإجراء انتخابات عامة في غضون سنة من تشكيل حكومة السوداني، وهو ما فات عليه الموعد والوعد، الأمر الذي يجعل من بقية الوعود في البرنامج الحكومي مجرد كلام لن تنفع معه مجالس محافظات، أو مجلس نواب فرض على نفسه أن يكون مجلساً "عاطلاً".
#شبكة_انفو_بلس