من هو (الحارق السياسي) في الحمدانية ..؟
يبدو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لوحده كان يبحث وسط الحرائق عن مصالح سياسية، بل كان يترقب، إذا لم يكن يخطط، حصول مثل هكذا فاجعة إنسانية محزنة، باعتبار أن حادث حريق عرس الحمدانية جاء بما يشتهي هذا الحزب الغارق في المشاكل، والذي يسعى لصناعة مشاكل وأزمات
كتب / سلام عادل
في اللحظة التي مازالت فيها جثث الضحايا تحت الحطام في قاعة احتفالات الأعراس وسط الحمدانية، ظهر من يوجّه الاتهامات هنا وهناك من دون اي دليل، وحتى قبل ان تبدأ تحقيقات الأجهزة الامنية حول السبب والمسبب وراء الحادث، وهو ما جعل هذه الاتهامات مجرد مادة للملاسنة وفق مشتهيات سياسية تخلو تماماً من المسؤولية الأخلاقية.
ويبدو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لوحده كان يبحث وسط الحرائق عن مصالح سياسية، بل كان يترقب، إذا لم يكن يخطط، حصول مثل هكذا فاجعة إنسانية محزنة، باعتبار أن حادث حريق عرس الحمدانية جاء بما يشتهي هذا الحزب الغارق في المشاكل، والذي يسعى لصناعة مشاكل وأزمات من أجل إغراق خصومه السياسيين أيضاً.
وقبل أسابيع جرى إدخال كركوك في أزمة سقط ضحيتها قتلى، وكادت هذه الأزمة أن تتسبب بطوفان من الدم والدموع، على خلفيات نوايا توسُّعية يحلم بها الديمقراطي الكردستاني للسيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط، حتى لو تطلب إحداث تغيير ديموغرافي على حساب المكونات التاريخية المتعايشة هناك، من بينهم العرب والتركمان.
وبذات الدوافع، وهي السيطرة على المناطق الغنية بالنفط، يعمل الديمقراطي الكردستاني على مخططات للسيطرة على مناطق سهل نينوى الواعدة بالثروات الطبيعية، وهو ما جعله في خصومة مع أبرز تشكيل سياسي هناك، وهي حركة بابليون التي تعتبر الممثل الأبرز والأكبر للمكون المسيحي.
وتعتبر مناطق سهل نينوى من المناطق التاريخية للمسيحيين العراقيين، وقد شهدت عمليات تهجير بعد غزوة داعش الإرهابية، سمحت هذه الغزوة فيما بعد بدخول الحزب الديمقراطي الكردستاني للسيطرة على بعض الآبار النفطية هناك، ووضع اليد عليها عبر استخدام مليشيات البيشمركه التابعة للحزب.
ولهذا صارت مخططات الديمقراطية الكردستاني، سواء في كركوك أو سهل نينوى، مكشوفة، من ناحية اعتماد الحزب على سياسة الأرض المحروقة، وهي السياسة التي عادةً ما تؤدي إلى هجرة السكان وسط تحديات البقاء على قيد الحياة، لتتحول إلى غنيمة رخيصة بيد السلطة التي تمتلك السلاح لتفرض نفسها كحاكم ومالك.
ومن هنا كانت ردة فعل عدد من المحللين السياسيين العراقيين سريعة على الحملة التي أطلقتها منصات تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، حين اتهمت هذه المنصات حركة بابليون بالتورط في حادثة حريق صالة الأعراس في الحمدانية، باعتبار أن صاحب الصالة ينتمي للحركة، أو على صلة استثمارية بها.
ويلاحظ من خلال تغريدات المحليين أن الديمقراطي الكردستاني بات يستثمر سياسياً في الأزمات الإنسانية للدرجة التي تحول فيها إلى أشبه بـ(الحارق السياسي)، الذي لا يتردد عن استخدام أساليب الكذب والتزوير والتدليس من أجل إسقاط وتسقيط خصومه السياسيين، وهو منهج غير أخلاقي في العمل السياسي بكل تأكيد.
وقد أشعلت فاجعة الحمدانية قلوب المتعاطفين في كل الدنيا، منذ اللحظة الأولى التي اشتعلت فيها صالة الاحتفال، والتي التهمت قرابة مئة ضحية كانوا يحتفلون بعروسين لم يدخلا بعد في عشّ الزوجية، ما أدى إلى صدور موجة مواقف وبيانات تضامنية مازالت مستمرة منذ يومين، جميعها حملت رسائل مواساة، باستثناء منصات الحزب الديمقراطي التي كانت تصبّ الزيت على النار.
وكما يُقال في الإعلام السياسي "دائماً وراء النفط حرائق تشتعل"، يبدو أن ما جرى في كركوك قبل أيام، وما يجري اليوم في سهل نينوى صار يحمل بصمات طرف واحد، يريد أن يتهرب من أزماته الداخلية في الإقليم، ليصنع أزمات أخرى في محيط هذا الإقليم، الذي أثبت أنه تجربة فاشلة، بعد أن فشل حتى في تأمين رواتب موظفيه.
#شبكة_انفو_بلس