نحو صِدام اجتماعي ونخبوي مع نقابة الفنانين العراقيين
لابد من الإشارة إلى أن الفن لا يعني الترفيه بقدر ما يعني التثقيف، باعتباره يستهدف بناء المعرفة في عقول البشر، وتحسين قدراتهم الوجدانية والحسّية وتذوقهم للجمال، وليس (عربدة وطربگه)، كالذي صرنا نراه ونسمعه في (زمن التفاهة)
كتب / سلام عادل
أعلنت نقابة الفنانين العراقيين أنها بصدد تنظيم وقفة احتجاجية يوم السبت ضد غلق النوادي الليلية، ودعت لحضور إلزامي دعماً للمشتغلين في أعمال الليل، بحجة أنهم يتعرضون لتجويع ممنهج منذ عدة أشهر، وذلك على خلفية غلق بعض هذه الأماكن المخالفة لقانون (ورادات البلديات رقم 1 لسنة 2023) النافذ، والذي ينص على تنظيم أماكن الترفيه بصيغة تكفل الرصانة والسلامة والأمن الاجتماعي.
وتلاحق بعض النوادي الليلية انتقادات وشكاوى عديدة بسبب خروج بعضها عن الضوابط، بما فيها العمل من دون ترخيص وإجازات رسمية، او حتى وقوع بعضها في مناطق سكنية وليست تجارية، فضلاً عن كونها باتت أشبه بالشوارع الخلفية لممارسة مختلف أنواع الجرائم، وهي جميعها سلوكيات لا ترتبط بالعمل المهني لأهل الفن والثقافة، ولا ينبغي أن تكون محل اهتمام النقابات النخبوية.
ولابد من الإشارة إلى أن الفن لا يعني الترفيه بقدر ما يعني التثقيف، باعتباره يستهدف بناء المعرفة في عقول البشر، وتحسين قدراتهم الوجدانية والحسّية، وتذوقهم للجمال، وليس (عربدة وطربگه)، كالذي صرنا نراه ونسمعه في (زمن التفاهة)، مما يتطلب من نقابة الفنانين أن تسعى إلى ترسيخ المعايير الفلسفية، التي تأسست عليها المدارس الفنية منذ العهد الأرسطي، وظلت بمثابة قواعد أخلاقية ناظمة لعمل الفنانين في كافة أنحاء العالم.
ومن هنا يتطلب أن تراجع نقابة الفنانين العراقيين نفسها، وتحسّن من طريقة عملها، الذي صار أشبه ما يكون بعمل الوسطاء التجاريين، الذين لا هدف لهم غير تحقيق الأرباح، وهي حالة تجعل من الفن والفنانين مجرد سلعة استهلاكية في الأسواق، وهو انحدار لا ينبغي أن تصل له النخبة في ظل عدم الحاجة للابتذال واسترخاص الذات والمعنى.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن شريحة الفنانين العراقيين يحظون بدعم غير مسبوق من قبل الدولة، بل ليس له مثيل مقارنةً بشريحة الأطباء أو القضاة او المعلمين وحتى الصحافيين، يتمثل ذلك بمبادرات عديدة أطلقتها حكومة السيد محمد شياع السوداني، من بينها 11 مليار دينار لدعم الدراما في العام الماضي، وخمسة مليارات أخرى في العام الحالي، إلى جانب خمسة مليارات لدعم السينما وكذلك ملايين الدنانير لدعم المسرح، مع كون جميع الفنانين تقريباً لديهم وظائف ويتقاضون رواتب على ملاك وزارة الثقافة او شبكة الإعلام العراقي.
وفي الختام .. بدل أن تقوم نقابة الفنانين العراقيين بتنظيم وقفات تضامنية مع ما يجري في غزة أو لبنان، راحت النقابة باتجاه وقفة مع (أهل الليل)، وهو ما يشكل انتكاسة تكشف عن سذاجة في التعاطي مع ما يجري من تحديات خطيرة في المنطقة والبلاد، ولا ننسى في هذا الصدد بيان نقيب الفنانين العراقيين جبار جودي، الذي جعل من نفسه محامياً عن قنوات الترفيه السعودية، مثل مجموعة MBC، التي تحولت مؤخراً إلى منبر إعلامي صهيوني.
#شبكة_انفو_بلس