هل سيُسلم العراق رقبته بيد القاتل الاقتصادي..؟
قدّمت النائبة عالية نصيف مرافعة بالأسباب التي دعتها الى إصدار بيان يطالب الحكومة بعدم التعامل مع البنك الدولي، باعتباره صاحب تاريخ سيء ومعروف في إفلاس الدول النامية، خصوصاً في العراق، حيث لطالما كانت نصائح هذا البنك عبارة عن وجبات طعام مسمومة
كتب / سلام عادل
دعت عضو مجلس النواب في لجنة النزاهة النائبة عالية نصيف الى عدم السماح للبنك الدولي، لصاحبه الولايات المتحدة الامريكية، في أن يكون له أي دور بمشروع طريق التنمية الذي يسعى العراق لتنفيذه، والذي يعوّل عليه في تحقيق نهضة اقتصادية للبلاد.
وقدّمت النائبة عالية نصيف مرافعة بالأسباب التي دعتها الى إصدار بيان يطالب الحكومة بعدم التعامل مع البنك الدولي، باعتباره صاحب تاريخ سيء ومعروف في إفلاس الدول النامية، خصوصاً في العراق، حيث لطالما كانت نصائح هذا البنك عبارة عن وجبات طعام مسمومة الهدف منها قتل الاقتصاد العراقي، وهو ما يحصل منذ عام 2003.
وبدأت معاناة العراق مع البنك الدولي منذ عام 2003، حين قام البنك برعاية نادي باريس لتصفية ديون العراق المترتبة على الدولة جراء سياسات نظام صدام حسين، بهدف إسقاطها او تخفيض بعضها، وهو ما حصل لاحقاً، ولكن ترتب على مخرجات نادي باريس المعروفة العديد من الالتزامات بقيت نافذة حتى هذه اللحظة.
وعلى رأسه هذه الالتزامات فرض تأمين الأموال العراقية الواردة من مبيعات النفط في حسابات داخل البنك الفيدرالي الأمريكي، لتكون ضامناً لتعهدات العراق بخصوص تنفيذ الالتزامات التي ترتبت عليه، من ضمنها سداد تعويضات حرب الكويت البالغة 51 مليار دولار، والتي قام العراق بسدادها، ولكن مع ذلك مازالت حركة الأموال العراقية تحت الرقابة حتى صار العراق بمثابة الذي يملك أموالاً ولكن لا يستطيع التحكم بها.
وفي حزمة أخرى من الإجراءات السالبة للسيادة، والتي تتعلق بالسياسات الاقتصادية تحديداً، أدخل العراق نفسه في سلسلة من القروض مع البنك الدولي ومصارف دولية متعددة، إبتداءً مع أول حكومة تشكلت، بناءً على نصائح من صندوق النقد وغيره من المؤسسات الاستشارية، ترتب على هذه القروض الكثير من الاشتراطات الاقتصادية، كان من بينها رفع أسعار المشتقات النفطية وتحويل الكثير من القطاعات العامة الى الخصخصة.
وشيئاً فشيئاً صارت عملية الاستقراض الحل الأسهل للخروج من الأزمات المالية حين تحصل، وهي في العادة تتكرر كلما تراجعت فيها أسعار النفط، أو تعرضت البلاد لأزمات أمنية وسياسية، بلغت ذروتها خلال الحرب مع داعش، التي تزامنت مع أزمة عالمية انخفض فيها سعر البرميل إلى ما دون العشرين دولارا، ولم تجد الحكومة في حينها، كالعادة، غير اللجوء الى القروض لسد العجز الحاصل.
وكان لهذه القروض شروطاً واشتراطات دفع المواطنون العراقيون أثمانها على شكل حزمة من الضرائب والرسوم، وزيادات هائلة في التعريفة الگمرگية، واستقطاعات مالية جرى تمريرها على شكل (قرض إجباري) من رواتب الموظفين، فضلاً عن زيادة في أسعار السلع والخدمات، بما فيها تخفيض سعر صرف الدينار.
ومن هنا تأتي التحفظات على كل ما يأتي على شكل نصائح واقتراحات من البنك الدولي أو صندوق النقد أو وكالة التنمية الامريكية، باعتبار أن هذه المؤسسات عبارة عن أدوات للهيمنة على دول العالم بيد البيت الأبيض يتم استخدامها لتحقيق المصالح الأمريكية العليا، وهو ما كشفه الخبير الاقتصادي الأمريكي جون بيركنز في كتابه (الاغتيال الاقتصادي للأمم).
وشرح جون بيركنز اعمال القاتل الاقتصادي/ Economic Hit Man، بكونها سياسات إمبريالية خبيثة تفرضها الولايات المتحدة على الدول النامية بهدف الهيمنة على اقتصادياتها، بواسطة الاستشارات والتقارير الإنمائية والقروض المالية التي تُقدَّم في الغالب على شكل نصائح تنموية من صندوق النقد والبنك الدولي ووكالة التنمية.
ومن هنا ينبغي عدم وضع رقبة العراق تحت يد (القاتل الاقتصادي)، الذي ليس لديه أي هدف غير اغتيال اقتصاديات الدول، خصوص السماح للبنك الدولي بأن يكون له دور في (طريق التنمية) بعد أن أعلن الرئيس الامريكي في قمة دول العشرين الأخيرة، أن بلاده قررت المضي مع إسرائيل والهند والسعودية لتنفيذ طريق تجاري عالمي جديد ليس فيه أي دور للعراق، وهو ما يشكل بحد ذاته غدراً أمريكياً للعراق.
#شبكة_انفو_بلس