ينبغي عدم ترك إسرائيل تجرّ العالم نحو التوحش
لهذا تُعد الحاجة اليوم مُلحّة للحفاظ على قواعد النظام الدولي، باعتبارها مكتسبات ناضلت من أجلها الشعوب، وسقط من أجل ترسيخها ملايين البشر، الذين عملوا من أجل أَنسنة الصراعات والسياسات
كتب / سلام عادل
تبدو جميع أشكال القيم والأخلاق والثوابت تتساقط مع استمرار الكيان الغاصب بتنفيذ مختلف أشكال العمليات ضد المدنيين، أو خوض عمليات عسكرية بلا قواعد اشتباك تفتقد الحد الأدنى من معاهدات الحرب، التي صيغت في جنيف أو نيويورك خلال قرن من النظام الدولي الحديث، على خلفية حروب كبرى كادت أن تُنهي الحياة على كوكب الأرض، من بينها حربان عالميتان استُخدم في إحداهما السلاح النووي.
وتسجل للولايات المتحدة الأمريكية شهادة الريادة في استخدام أقصى درجات القوة والإبادة أثناء الصراعات، بما فيها أسلحة محرّمة، وذلك في سلسلة حروب تصل لنحو 97 حرباً خارج أراضيها، والتي خاضتها واشنطن على جغرافيات مترامية الأبعاد، تبدأ من دول أمريكا اللاتينية إلى دولة جنوب شرق آسيا، مروراً بأوروبا وأفريقيا، وهو ما تسبب بولادة ما يُطلق عليه اليوم (محور الممانعة)، والذي سبقته تشكيلات مقاومة تكونت تحت مظلة الايديولوجيات الثورية المختلفة.
من هنا تكون الحاجة هذه الأيام إلى رفع مستويات التعبئة الإنسانية إلى أعلى درجة في كافة أنحاء العالم، لمواجهة هذا الكيان المتعطش والعنصري والكاره للآخرين، والذي يرفض منذ 75 سنة التوصل إلى أي شكل من أشكال التفاهمات، التي تُتيح سلاماً عادلاً في الشرق الأوسط، على الرغم من مئات الوساطات والمبادرات والقرارات الأممية، التي جرى إصدارها خلال تاريخ الصراع، بما فيها الاتفاقيات الدولية، التي وقّع عليها الكيان نفسه أمام المجتمع الدولي.
ولهذا تُعد الحاجة اليوم مُلحّة للحفاظ على قواعد النظام الدولي، باعتبارها مكتسبات ناضلت من أجلها الشعوب، وسقط من أجل ترسيخها ملايين البشر، الذين عملوا من أجل أَنسنة الصراعات والسياسات للحيلولة دون الذهاب الى نهايات غير مسيطر عليها، وهي متبنيات يتفق عليها العقلاء من الرجال والنساء، سواء من سكان شرق العالم أو غربه، باعتبار أن العالم ستنعدم فيه الحياة حين يكون منفلتاً تحت سيطرة المتعطشين.
ولعل القضية الفلسطينية بالنسبة للعراقيين ليست قضية خارجية، باعتبارها قضية وجود لكافة الشعوب المتعايشة منذ آلاف السنين على هذه الأرض، بل واعتراف بهذا الوجود، الذي يمثل التنوع الديني والعِرقي، الذي يسعى الكيان إلى إنهائه ومصادرته وجعله خارج أسوار العزل العنصري، وهي الفكرة السوداء التي تأسست عليها إسرائيل، باعتبارها لا تعرف غير العدائية والكراهية.
وعليه يتطلب منا كبشر عقلاء حريصين على إدامة الحياة على هذا الكوكب، وعلى أمنه وسلامه، مهما كانت جنسياتنا، وبمختلف أعمارنا ووظائفنا، المباشرة بالتعبئة الإنسانية لنصر الفلسطينيين واللبنانيين واليمنيين، وكافة من يُساهم في جبهة الممانعة والمقاومة والإسناد، سيما وأن الأيام هذه تشهد انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها التاسعة والسبعين، مما يُتيح اجتماع رؤساء وقادة وممثلي 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، ينبغي أن يشهد اجتماعهم تحقيق هدف رئيسي، وهو إنهاء التوحش الذي تسعى إسرائيل جرّ العالم إليه.
#شبكة_انفو_بلس