مراجع في زمن الغيبة
كان السيد القاضي يتخفى بعبادته عن الأعيُن إلا في أداء الفرائض التي كان يأتي بها جماعة مع صفوة تلاميذه البالغين من السبعة إلى العشرة أشخاص في إحدى غرف المدارس الدينية. كما كان يواظب أيضاً على قراءة بعض سور القرآن قبل النوم، مثل: الحديد، الحشر، الصف، الجمعة، التغابن. وكذلك مواظبته على زيارة جده علي بن أبي طالب عليه السلام بعد الساعة الثانية ظهراً حيث يهرع الناس إلى بيوتهم بسبب الحر الشديد ويبقى الحرم خالياً إلا عدداً قليلاً من الزوار، ولهذا السبب لم يكن يراه أحد لا في الحرم ولا في مكان آخر إلا نادراً.
وأما أعماله العبادية الأخرى، فقد كانت له غرفة في مسجد الكوفة يتعبّد بها، ويبدأ بمناجاته ومزاولة أوراده وأذكاره فيها. وبالإضافة إلى خشوعه في صلواته اليومية، فلم يكن يهدأ في الليالي أيضاً، فكان قليلاً ما ينام في الليل، حيث قال ذات مرة: حافظتُ على وضوئي عشرين سنة، ولم أفقده إلا حين كنت أُجدد الوضوء، ولم أنَم إلا على طهارة. وسأله ولده يوماً: ماذا تفعل لتنهض متى شئت من نومك بكل هذه السهولة؟ أتقرأ آخر آية من سورة الكهف؟ فأجابه: كلا، أنهض لأنه يجب أن أنهض.