مقاتل الطالبيين - ابنا مسلم (ع)
لما قُتل الإمام الحسين بن علي (ع)، أُسر من معسكره غلامان صغيران، فأُتي بهما إلى عبيد الله بن زياد، فدعا سجاناً له وقال: (خذ هذين الغلامين واسجنهما وضيّق عليهما)، ففعل. ولما طال بالغلامين المكث في سجنه أَعلما سجانهما بمكانتهما من رسول الله (ص) ومن علي بن أبي طالب (ع) وأنهما من وُلْد مسلم بن عقيل بن أبي طالب (ع)، فأنكب الشيخ على أقدامهما يقبلها ويقول: (نفسي لكما الفداء يا عترة المصطفى، هذا باب السجن بين يديكما فخذا أي طريق شئتما)، ثم خرجا، فلما جنَّهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب، فقالا لها: (إنّا غلامان صغيران غريبان، أضيفينا سواد هذه الليلة).
فقالت المرأة العجوز: ممن أنتما؟
قالا: نحن من عترة نبيك محمد (ص)، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل.
قالت العجوز: يا حبيبيَّ إنَّ لي ابناً فاسقاً قد شهد الواقعة مع عبيد الله بن زياد، وأتخوف أن يصيبكما هنا فيقتلكما.
قالا: ضيّفينا هذه الليلة، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق.
قالت: شأنكما.
فلما جاء الليل أقبل ابن العجوز إلى داره، محدثاً العجوز عن هرب غلامين من معسكر ابن زياد... وفي بعض الليل سمع الغلامين يتحدثان فقام حتى وقف عليهما قائلاً: من أنتما؟
قالا: إنْ صدقناك فلنا الأمان؟
قال: نعم، أمان الله ورسوله.
قالا: يا شيخ نحن من عترة نبيك محمد (ص)، هربنا من سجن ابن زياد من القتل.
فقال لهما: من الموت هربتما وعلى الموت وقعتما... فشد أكتافهما، ولما صار الصبح أخذهما إلى شاطئ الفرات ليقتلهما، قالا له: بعنا في السوق وانتفع بأثماننا.
قال: بل أقتلكما، وآخذ الجائزة برأسيكما.
قالا: اذهب بنا إلى ابن زياد ليحكم فينا أمره.. أما ترحم صغر سِنّنا؟ فرفض، فقالا: دعنا نصلي لربنا ركعات.
قال: صلّيا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة. فصليا ورفعا طرفيهما إلى السماء قائلين: (يا حيُّ يا حليم يا أحكم الحاكمين احكم بيننا وبينه بالحق)، ثم قتلهما وأخذ رأسيهما طمعاً بالجائزة ورمى جسديهما في الفرات، ثم قدم على ابن زياد مطالبا بالجائزة... فأمر ابن زياد بقتله (لعنة الله عليه) واستجاب الله سبحانه دعاء الغلامين.
#شبكة_انفو_بلس