إيران تنضم لـ "منظمة شنغهاي" أكبر تحالف بشري في العالم.. هل تلتحق بغداد بالتجمع الناجح؟
انفوبلس/..
وافق أعضاء، بقيادة موسكو وبكين، في أيلول 2021، على عضوية إيران المستقبلية في هذا التحالف الذي يسعى لأن يكون نظيرا للنفوذ الأميركي، حين أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون، انطلاق إجراءات إدخال إيران في عضوية منظمة شنغهاي للتعاون، والتي تضم الى جانب الصين، الهند وباكستان وكازاخستان، وقيرغيزستان، وروسيا، وطاجيكستان، وأوزبكستان والعديد من دول آسيا الوسطى، وسط ترحيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اللذين كانا يشاركان في القمة، بعضوية إيران.
ومنظمة شنغهاي هي أكبر منظمة إقليمية في العالم من حيث المساحة والسكان، وتغطي دول المنظمة 60 في المئة من منطقة أوراسيا، بعدد سكان يُقدر بـ3.2 مليار، وبحجم اقتصادي يبلغ 20 تريليون دولار، وتهدف إلى بناء نظام عالمي متعدد المراكز يتسق بشكل تام مع قواعد القانون الدولي ومبادئ الاحترام المتبادل، التي تلبّي مصالح كل دولة مع وضع احتياجاتها وطموحاتها المتبادلة في الاعتبار.
وتقدمت إيران بطلب للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، في وقت مبكر من العام 2008، بدعم قوي من روسيا، لكن النظر في طلبها تباطأ بسبب العقوبات المفروضة على البلاد من الأمم المتحدة وواشنطن بسبب الخلافات التي عقبت شروع إيران في برنامجها النووي.
وبعد عام من موافقة الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون على الانضمام الدائم لإيران، وقّع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان وجانغ مينغ الأمين العام لمنظمة شنغهاي، في أيلول 2022 في سمرقند الأوزبكية، على مذكرة تعهدات العضوية الدائمة لإيران في المنظمة.
وذكر وزير الخارجية الإيراني "لقد دخلنا الآن مرحلة جديدة من شتى أشكال التعاون الاقتصادي والتجاري والترانزيت والطاقة وغيرها"، مؤكدا أن الأمين العام لمنظمة شنغهاي قدم تهانيه بمناسبة انضمام إيران الدائم للمنظمة، واعتبر التوقيع على الوثيقة "تطورا هاما".
العضوية الكاملة وعقبات الانضمام
وبعد مضي نحو 16 عاما من انضمام طهران إلى منظمة شنغهاي للتعاون كعضو مراقب، أثار توقيع إيران على مذكرة تعهدات العضوية الدائمة بالتكتّل الآسيوي تساؤلات عن جدوى الخطوة، وأثرها على تخفيف العقوبات الأميركية، والتحديات الماثلة أمام النهوض بالاقتصاد الإيراني في الفترة المقبلة.
ويعتقد مراقبون في الاقتصاد السياسي، أن "طهران ترى في العضوية الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون - باعتبارها منظمة شرقية - بوابة لكسر الأحادية الغربية وموازنة علاقتها مع الدول الغربية التي تأثرت بفعل ملفها النووي، حيث بذلت إيران جهودا جبّارة للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون منذ 2005 إلا أنها تعرقلت بسبب العقوبات الأممية حتى تم رفعها بموجب الاتفاق النووي عام 2015.
طهران التحقت بالمنظمة عام 2005 كعضو مراقب وأوشكت على الانضمام إليها بشكل كامل بعد رفع العقوبات الأممية عنها، لكن تأخرت بسبب معارضة بعض الدول الأعضاء في شنغهاي مع ضم دولة لديها عقوبات أميركية واسعة، لا سيما بعد الانسحاب الأميركي عام 2018 من الاتفاق النووي.
العضوية الكاملة في المنظمة
إيران قادرة على لعب دور بارز بين أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون لا سيما في مجال ترانزيت السلع والتعاون الأمني والعسكري والاقتصادي.
وتمكنت الخارجية الإيرانية في نهاية المطاف من تذليل العقبات وكسب موافقة أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون على قبول عضويتها في قمة دوشنبه عام 2021، وفق خورسند الذي أكد أن بلاده عكفت منذ العام الماضي على إنجاز إجراءات العضوية وإعداد الوثائق اللازمة إلى جانب مصادقة الحكومة على لائحة الانضمام إلى شنغهاي وإرسالها إلى البرلمان لتأخذ مجراها القانوني.
ولعل الحافز الرئيسي لانضمام إيران إلى شنغهاي للتعاون، هو وجود القوى الشرقية (روسيا والصين والهند) في المنظمة بحسب المراقبون، وما تتمتع به هذه الدول من مكانة رفيعة على شتی الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية على مستوى العالم، بالإضافة الى ان إيران قادرة على لعب دور بارز بين هذه الدول لا سيما في مجال ترانزيت السلع والتعاون الأمني والعسكري والاقتصادي.
مرحلة التوقيع على مذكرة الالتزامات، كانت البوابة للانضمام الدائم إلى منظمة شنغهاي، لكنها لا تساوي الانضمام الرسمي كعضو دائم فيها، ويفترض أن يتم الإعلان عن قبول إيران عضوا دائما في المنظمة في القمة المقبلة المزمع عقدها في الهند.
عملية انضمام إيران كعضو دائم في منظمة شنغهاي قد بدأت منذ موافقة جميع أعضاء التكتل في قمة دوشنبه عام 2021، وأن التوقيع على مذكرة تعهدات العضوية الدائمة فيها بمثابة تفاهم لاستكمال العملية، وقد قربها خطوة أخرى للإعلان الرسمي عن ذلك.
إعلان الانضمام رسمياً
وسلّطت الصحف الإيرانية الصادرة، اليوم الثلاثاء، الضوء على الإعلان المرتقب لانضمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية رسميًا إلى منظمة التعاون في شنغهاي، حيث ذكرت صحيفة "كيهان"، الأمين العام لمنظمة "شنغهاي للتعاون" تشانغ مينغ، ذكر في يوم الجمعة الماضي خلال محادثة هاتفية أجراها مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان "إنه اعتبارًا من يوم 4 تموز الجاري، ستتمتع جمهورية إيران الإسلامية بجميع الحقوق المعطاة إلى الدول الأعضاء في المنظمة".
وذكرت الصحيفة أنّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال يوم الجمعة الماضي خلال كلمة ألقاها في مركز الدبلوماسية لمنظمة شنغهاي للتعاون في موسكو: "إنه خلال الاجتماع القادم للمنظمة في 4 تموز، ستصبح إيران وبيلاروسيا رسميًا عضوين دائمين في المنظمة".
وقد نوهت على أن "هذه المنظمة تشكلت على أساس التعاون الأمني والسياسي وحاولت متابعة هذه القضية طوال مدة فاعليتها، لكن في السنوات الأخيرة خاصة بعد العقوبات المفروضة على روسيا والصين ازداد توجه هذه المنظمة نحو التعاون الاقتصادي".
وبالنظر إلى السياسة المعلنة للحكومة الإيرانية الـ 13 في مجال العلاقات الخارجية وإعطاء الأولوية لتوسيع العلاقات مع الدول المجاورة والمنطقة، فإن عضوية إيران في منظمة شنغهاي الإقليمية توفر للبلاد العديد من القدرات في مجال تطوير العلاقات مع الدول الأعضاء.
مكاسب طهران من الانضمام
دخول إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون يحمل عدة رسائل إلى المنطقة والعالم في آن واحد، وهي أن السياسة الإيرانية موجهة نحو الشرق، وتلاشى الاتجاه الغربي بشكل ملحوظ مقارنة بالماضي غير البعيد،
وعلّق خبراء ومختصون في المجال السياسي، على المكاسب الدولية والاقتصادية، التي ستحصل عليها إيران نتيجة انضمامها لمنظمة شنغهاي للتعاون.
وقال الخبير الإيراني في السياسة الدولية، مجتبى جلال زاده، إن "دخول إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون يحمل عدة رسائل إلى المنطقة والعالم في آن واحد، وهي أن السياسة الإيرانية موجهة نحو الشرق، وتلاشى الاتجاه الغربي بشكل ملحوظ مقارنة بالماضي غير البعيد، وسيسمح تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية داخل منظمة شنغهاي للتعاون مع الجمهورية الإسلامية بإيجاد طريقة فعالة للالتفاف على العقوبات الأمريكية، بالإضافة الى ان دخول إيران إلى صفوفها، تكتسب منظمة شنغهاي للتعاون عضوًا آخر، وهو قوة إقليمية. وهكذا يستمر النضال ضد عالم أحادي القطب".
وبدوره، علق رئيس مركز دراسات إيران في جامعة ساوثويسترن (تشونغتشينغ)، بروفيسور جي كايون، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" حول أهمية انضمام إيران إلى المنظمة، قائلا أن "دخول إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون يوسع المساحة الجغرافية للمنظمة، وقد يؤدي انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة على المستوى السياسي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الموقف الاستراتيجي لإيران مهم من حيث القضايا الأمنية".
وفيما يتعلق بأهمية هذه الخطوة بالنسبة لإيران نفسها، اعتبر كايون أن "إيران التي تخضع للحصار والعقوبات والقيود من قبل الغرب، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، تأمل أن يساعد الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون في تحقيق اختراق اقتصادي بالنسبة لها".
هذا الحدث ليس إيجابيًا فقط لإيران والصين، كعضو في منظمة شنغهاي للتعاون، ولكنه أيضًا ملائم لمنطقة الشرق الأوسط والمجتمع الدولي، ويتماشى مع محاولات إيران لتنفيذ استراتيجية العولمة ورغبة هذا البلد في إظهار شكله الخاص من الانفتاح على العالم الخارجي، ويوضح أيضًا أن منظمة شنغهاي للتعاون في العصر الحالي للعولمة لديها قوة متزايدة من الجاذبية والكاريزما والسلطة.
العراق ومسارات الانضمام الى شنغهاي
وتزامناً مع انعقاد القمة الـ 22 لمنظمة شنغهاي للتعاون في مدينة سمرقند الأوزباكستانية منتصف شهر أيلول 2022، انطلقت دعوات من شخصيات ونخب سياسية واقتصادية لانضمام العراق إلى هذه المنظمة، نظراً إلى المكاسب الاقتصادية والسياسية الكبيرة التي يمكن أن يحققها من خلالها على المديين المتوسط والبعيد.
ومن بين أبرز الشخصيات التي دعت إلى ذلك، رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الذي كتب في حسابه في "فيسبوك": "المنظمة التي تضم اليوم 9 دول عظمى وكبيرة، كالصين وروسيا والهند وإيران وباكستان، إضافةً إلى العديد من دول الشراكة والراغبة في الانضمام والمراقبة... الدول التّسع فقط تمثل أكثر من نصف سكان العالم، والأمر لا يقل أهمية من حيث المساحة والطاقات والثروات".
وأضاف عبد المهدي، أن "هذه الحقائق وغيرها يجب أن تدفعنا إلى طلب الانضمام رسمياً إلى هذه المنظمة الصاعدة، وذلك للإسراع في نهج توثيق العلاقات مع دول الجوار العربي والإسلامي، ومع الهند واليابان والكوريتين وبلدان وسط وشرق آسيا، وبالطبع مع الصين التي لدينا معها العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقات، كالحزام والطريق (طريق الحرير) والاتفاق العراقي الصيني فيما صار يعرف بالنفط مقابل الإعمار".
وتابع: "انضمامنا إلى منظمة شنغهاي بات ضرورياً، وخصوصاً بعدما تقدمت بطلب الانضمام الكثير من الدول، بما فيها العربية، كمصر ودول الخليج. لذلك كله، أدعو الحكومة العراقية إلى الإسراع -وفق القوانين النافذة- إلى طلب الحصول رسمياً على عضوية منظمة شنغهاي، كما أدعو السلطة التشريعية، وفق صلاحياتها، إلى دعم وتسهيل الإجراءات المطلوبة، وأن تنظر كل القوى لهذا الموضوع كمصلحة وطنية عليا وضمانة أكيدة لحاضرنا ومستقبلنا، بعيداً عن الخلافات السياسية".
رؤية عبد المهدي، صاحب العقلية الاقتصادية ذات البعد الاستراتيجي، بخصوص الانضمام إلى منظمة شنغهاي، تعد مكملة لرؤيته لأهمية تعزيز التعاون مع الصين، الذي ترجمه بإبرام اتفاقية شاملة معها حين كان رئيساً للوزراء، وزيارتها على رأس وفد حكومي كبير في أيلول 2019، ورؤيته بضرورة انخراط العراق في مشروع "الحزام والطريق".