بتكلفة 27 مليار دولار.. شركة "توتال إنيرجي" تبدأ المرحلة الأولى من مشروع الطاقة العملاق بعد توقف طويل
استثمار عملاق للطاقة العراقية
انفوبلس/..
أعلنت شركة توتال إنيرجي الفرنسية، اليوم السبت (11 كانون الثاني 2025)، إعادة العمل بمشروع طاقة وصفته بـ "العملاق" داخل العراق بقيمة تصل إلى 27 مليار دولار أمريكي بعد توقفه لمدة أشهر نتيجة لـ "خلافات سياسية" حول حصة الحكومة العراقية الاستثمارية من المشروع.
وقالت الشركة بحسب ما أورد موقع "أويل برايس" الاقتصادي، إن "العمل بدأ بالمرحلة الأولى من المشروع الذي سيستمر على مدى 25 عامًا ويهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للعراق من الطاقة من خلال استثمار الغاز المصاحب"، مؤكدة أن "المرحلة الأولى ستشهد إنتاج 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، وتكفي لمد محافظة البصرة بالطاقة بشكل شبه كامل".
يشار إلى أن المرحلة الأولى من المشروع تشهد حاليًا استثمار نحو 10 مليار دولار أمريكي، حيث وافقت الحكومة العراقية بعد تعطل المشروع منذ عام 2021 على تقليل حصتها الاستثمارية إلى 30% بعد أن كانت مصرة على الحصول على نسبة تتجاوز الخمسين بالمئة، بحسب الموقع.
وبدأت شركة النفط والغاز الفرنسية "توتال إنيرجي" ببناء منشأة لمعالجة الغاز في العراق، وهي المرحلة الأولى من مشروع ضخم للطاقة. وستقوم شركة "أرطاوي غاز 25" التي تدير حقل أرطاوي النفطي بالقرب من البصرة بمعالجة 50 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا من الحقل، وهو ما يكفي لتزويد المحطات المحلية بالطاقة لـ200 ألف أسرة في منطقة البصرة. ويعاني العراق أزمة كهرباء حادة، خاصة في موسم الصيف.
وتابع التقرير الذي نشره "أويل برايس"، أن "في السنوات الأخيرة، قلصت كل من إكسون موبيل، وشل بي إل سي، وشركة بريتش بتروليوم عملياتها في العراق، مما ساهم في ركود إنتاج النفط بعد سنوات من عدم الاستقرار. ومع ذلك، يتمتع العراق بفترة من الاستقرار النسبي، مما يزيد من فرص عودة المستثمرين الأجانب إلى البلاد".
وقال باتريك بويان، الرئيس التنفيذي لتوتال، "وافقت الحكومة العراقية على العقد بأكمله من دون أي تعديل على الإطلاق، لذلك كان ذلك بالنسبة لي أكثر من مجرد خبر جيد".
حصة العراق من المشروع
وكانت وزارة النفط العراقية قد وقّعت في تموز 2023 عقودًا مع شركة "توتال إنيرجي" الفرنسية لمشاريع تطوير ونمو النفط والغاز المتكامل بقيمة تبلغ 27 مليار دولار، في واحد من أضخم عقود الطاقة في العراق على الإطلاق.
ويأتي توقيع الاتفاق لـ 4 عقود مع الشركة الفرنسية بعد تأجيله منذ عام 2021 بسبب خلافات سياسية، في حين أكدت وزارة النفط أن العقود تهدف لزيادة إنتاج الطاقة وتعزيز قدرة البلاد على إنتاج الكهرباء من خلال تنفيذ مشاريع للنفط والغاز والطاقة المتجددة.
وبحسب العقد، تبلغ حصة توتال 45% من قيمة المشروع، في حين استحوذت شركة قطر للطاقة على حصة 25%، في الوقت الذي ستكون فيه الحصة المتبقية 30% من نصيب العراق.
ومع توقيع العراق لهذه العقود، برزت العديد من التساؤلات عن الجدوى الاقتصادية التي ستجنيها البلاد وعن قيمة الاستثمارات في هذه العقود، وعما إذا كانت منطقية أم مبالغًا فيها.
التفاصيل والعائدات
وقال وزير النفط العراقي حيان عبد الغني - بكلمة له خلال احتفالية التوقيع - في تموز 2023، إن العراق وقع مع "توتال" الفرنسية 4 عقود، الأول يعنى باستخدام مياه البحر لأغراض الدعم في استخراج النفط، مبينًا أنه من المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة.
وأضاف عبد الغني في حديثه، أن "المشروع الثاني يعنى باستثمار الغاز المصاحب بطاقة 600 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم وعلى مرحلتين، لكل مرحلة 300 مليون قدم مكعب قياسي، في حين يعنى المشروع الثالث بتطوير حقل أرطاوي النفطي وزيادة الإنتاج من هذا الحقل إلى أكثر من 210 آلاف برميل في اليوم".
واختتم الوزير العراقي حديثه بالإشارة إلى أن المشروع الرابع سيمثل إضافة حيوية لقطاع الطاقة المتجددة في العراق، عبر استثمار الطاقة الشمسية بطاقة 1000 ميغاوات تضاف لشبكة الطاقة الكهربائية الوطنية.
وعلى الصعيد ذاته، أضاف الخبير وأستاذ الاقتصاد في جامعة المعقل بالبصرة نبيل المرسومي أن من عوائد العقود أنها ستسهم في إنتاج كمية مكثفات تقدر بـ 12 ألف برميل يوميًا، مع إنتاج كمية من الغاز المسال (LPG) تقدر بـ 3 آلاف طن يوميًا ستوجه للسوق المحلية.
وفي حديثه صحفي، أوضح المرسومي أن المشروع الثالث في العقود يتضمن استخدام ماء البحر بطاقة 5 ملايين برميل يوميًا، مبينًا أن ذلك يعد ضروريًا لتطوير الطاقة الإنتاجية في الحقول الجنوبية التي تعتمد على أسلوب الحقن بالماء، وأن استخدام مياه البحر سيكون بديلاً عن استخدام مياه نهر دجلة العذبة.
مبالغة في تقدير الكلفة
ورغم العوائد التي سيجنيها العراق من هذه العقود، فإن المرسومي يرى أن الحكومة بالغت فيها، لافتًا إلى أن هناك مبالغة في تقدير الكلفة التي تضمنتها العقود، لا سيما أن قيمة العقد تبلغ 27 مليار دولار، وأن الكلفة الحقيقية لجميع العقود قد لا تتجاوز ثلث هذا المبلغ، وفق تعبيره.
ويتابع المرسومي أن مشروع توليد الطاقة الشمسية بقدرة ألف ميغاوات وبكلفة 3 مليارات دولار يكشف عن وجود "مغالاة" في قيمة المشروع، لا سيما أن دولة قطر كانت قد افتتحت في عام 2022 أول محطة للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميغاوات وبكلفة 467 مليون دولار فقط، وفق قوله.
وعن حقل أرطاوي النفطي، بين الخبير الاقتصادي أن الحقل ينتج حاليًا 85 ألف برميل، وأن العقد تضمن تطويره لإنتاج 210 آلاف برميل، وأن هذه الزيادة ليست بتلك التي يمكن أن ينفق العراق عليها هذا الكم من الأموال، لا سيما أن تسديد العراق لحصته من العقد (30%) سيكون عبر إيرادات هذا الحقل، مع الأخذ بالاعتبار أن العراق كان رافضًا لهذه النسبة قبل عامين.
وعن إمكانية تصدير العراق للنفط المنتج من حقل أرطاوي، جنوب البلاد، مع خضوع العراق لمحددات التصدير من منظمتي "أوبك" و"أوبك بلس"، أوضح أن زيادة الإنتاج من هذا الحقل ستعني تخفيض الإنتاج النفطي من الحقول الوطنية، بما سيؤثر على واردات العراق المالية.