عملية "مجدو" في فلسطين المحتلة أفزعت الصهاينة، ما تفاصيلها؟ ولماذا تحذر تل أبيب من تكرارها
انفوبلس/..
الكيان الإسرائيلي يكشف بعد أيام من التعتيم الإعلامي، معلومات عن منفّذ عملية "مجدو"، بعد تفجير عبوة ناسفة قرب مفترق مجدو أدت إلى إصابة مستوطن إسرائيلي في الشمال الفلسطيني المحتل، ولاقى الحدث تضخيماً إسرائيلياً كبيراً جعل بنيامين نتنياهو يقلّص فترة زيارته الخارجية لبرلين إلى يوم واحد فقط، ويأمر وزيره سموتريتش بالعودة أيضاً من زيارة كانت مقررة للولايات المتحدة الأميركية.
وانشغلت المستويات الإسرائيلية الأمنية والعسكرية بمحاولة فكّ لغز المنفّذ وكيفية دخوله عبر الحدود الشمالية إلى عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما رجَّحت القناة الإسرائيلية الـ12، وفق تقديراتها، أنّ تفجير العبوة الناسفة في مجدو كانت عملية مشتركة بين حزب الله اللبناني وحماس، فيما قالت إذاعة "جيش" الاحتلال، إن "حماس لديها تشكيلات عسكرية في لبنان يقودها الرجل الثاني في الحركة صالح العاروري، ومن غير المُستبعَد انتماء المنفِّذ إلى أحدها".
تساؤلات مهمة تطرح نفسها بعد هذه التطورات المفاجئة حول الهدف الإسرائيلي من التكتم على الأمر أولاً، ثم تضخيمه وتوظيفه بهذه الطريقة: هل لمثل هذا الحدث ارتباط بالأزمة الداخلية غير المسبوقة في "إسرائيل"؟ وهل يستدعي الحدث اختصار نتنياهو جولته الأوروبية والعودة، وأُمِر الوزير سموتريتش بالعودة ووقف زيارته للولايات المتحدة الأميركية؟ وماذا عن مدلولات حادثة التفجير في العقل الأمني الإسرائيلي؟
الافتراض القائم في المؤسَّسة الأمنية الإسرائيلية مفاده أنّ كل عملية تحدث على طول الحدود الشمالية تمر بموافقة من حزب الله، والتحقق من علاقة المنفّذ بحزب الله يعني بالنسبة إلى "إسرائيل" اشتراك الحزب بهجوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يستوجب رداً إسرائيلياً، وهو أمر قد يقود إلى تصعيد كبير على الجبهة الشمالية، وبالتالي اتخاذ مثل هذا القرار لن يكون أمراً سهلاً بالنسبة إلى نتنياهو الذي يعاني وحكومته أزمة أمنية وسياسية حقيقية وسط تصاعد حالة الاستقطاب والاحتراب السياسي والتظاهرات احتجاجاً على الانقلاب القضائي المزمع تمريره.
شعور بالقلق لدى مستوطني شمال فلسطين
قلق عالي المستوى وإشاعات زعزعت شعور مستوطني شمال فلسطين المحتلة بالأمان بسبب ما يسمّيه الاحتلال بالحدث الأمني الأخطر منذ "حرب الغفران"، لكن النتيجة هي رواية ركيكة عمّا حدث فعلاً، واجتماعات أمنية تصل الليل بالنهار في مقر "الكرياه" في "تل أبيب" والنتيجة: رواية ركيكة عمّا حدث فعلاً في مجدو ويسمّيه الاحتلال بالحدث الأمني الأخطر منذ "حرب الغفران".
بعد نحو 48 ساعة من التكهنات، خرج بيان مشترك لـ"الجيش" الصهيوني و"الشاباك" يتحدث عن تسلل "مُخرِّب" من لبنان، السبت أو الأحد الماضيين، محمّلاً بحزام ناسف وعبوة كليماغور بزنة 15 كيلوغراماً وتحييده.
قال وزير دفاع الكيان الإسرائيلي يوآف غالانت، في 16 آذار 2023، إنه تم منع عملية وصفها بالكبيرة والصعبة عقب التفجير الذي نفّذه مسلح جنوب حيفا.
وأضاف غالانت - بعد استماعه لتقييم أمني في قيادة الشمال بحضور كل من رئيس هيئة الأركان وقائد المنطقة الشمالية في جيش الكيان- إن "العملية التي تم منعها تحمل في طياتها ضررا كبيرا"، مشيرا إلى أن "عملية مَجِدّو مركّبة ومعقدة وذات خيوط عديدة، قائلا إن "إسرائيل ستصل إلى كامل تفاصيلها".
تفاصيل العملية
المنفِّذ كان يحمل حزاما ناسفا وقنابل يدوية وأسلحة، مما يشير إلى أنه كان يعدُّ لعملية كبيرة
بعد رفع الرقابة العسكرية الإسرائيلية الحظر الإعلامي عن "الحدث الأمني الخطير" الذي وقع على الحدود الإسرائيلية اللبنانية صباح الاثنين الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل شخصا تسلل من الأراضي اللبنانية، وهو المسؤول عن تنفيذ التفجير الذي وقع في مفترق مجدو (جنوب حيفا).
وأضاف الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في مسؤولية حزب الله اللبناني عن العملية قرب حيفا، ودعا إلى الاستعداد لحدث على جبهات عدة، بينها إيران.
بيد أن إذاعة الجيش الإسرائيلي كشفت اليوم تفاصيل جديدة عن العملية، مشيرة إلى أن المنفِّذ هو من أصل فلسطيني.
وقالت الإذاعة إن المنفِّذ ربما جاء من أحد مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان. مضيفة، إن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تفحص احتمال تورط حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الهجوم.
وحسب المعلومات، فإن الشخص الذي قُتل تسلل عبر نقطة غير معلومة حتى الآن على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ووصل إلى جنوب حيفا حيث زرع العبوة الناسفة في مفترق مجدو، ثم استقلّ سيارة وعاد ثانيةً إلى الحدود.
وذكرت مصادر إسرائيلية، أن المنفِّذ كان يحمل حزاما ناسفا وقنابل يدوية وأسلحة، مما يشير إلى أنه كان يعدُّ لعملية كبيرة، حسب تعبيرها.
وفي تطور جديد، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم العثور على حقيبة داخلها جهاز تفجير في بلدة كفر قرع داخل الخط الأخضر.
نصر الله: عملية مجدو، أربكت العدو
نصر الله: عملية مجدو، أربكت العدو بمختلف مستوياته، و صمت الحزب يأتي ضمن "المعركة الإعلامية النفسية مع العدو
قال الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله إن المقاومة سترد بشكل سريع على أي اعتداء إسرائيلي عسكري أو أمني. مؤكدا، إن شنّ إسرائيل حربا على لبنان سيؤدي إلى فتح معركة في كامل المنطقة.
وأضاف نصر الله -في كلمة خلال فعالية نظمها الحزب- إن صمت حزبه عن الحادثة التي وقعت في بلدة مجدو (شمال لبنان) جزء من المعركة السياسية والإعلامية والعسكرية.
ورأى، إن "عملية مجدو، أربكت العدو بمختلف مستوياته"، مشيرا إلى أن صمت الحزب يأتي ضمن "المعركة الإعلامية النفسية مع العدو، فليست مسؤوليتنا الإجابة على ما يُربك العدو، وأحيانًا يكون جوابنا في عدم تعليقنا على الحادثة".
المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، يوسي يهوشع، ذكر أن "نصرالله أدخل المؤسسة الأمنية في معضلة كبيرة عندما أعلن عن أن حزب الله سيرد إذا ما قرر الجيش الإسرائيلي القيام بعمل ما في لبنان رداً على عملية مجدو".
عرض تقدير أمام نتنياهو
وفي سياق ذي صلة، تحدّثت تقارير صهيونية عن قيام رؤساء المؤسّسة الأمنية بعرض تقدير أمام نتنياهو، غالانت، ووزراء آخرين، في الأسابيع الأخيرة، مفاده بأنّ أمين عام حزب الله، السيّد حسن نصرالله، سيحاول رفع مستوي التحدّي للكيان. وأضافت التقارير أنّه في بعض تقديرات الوضع، عُرِضَت مواد تُظهر نيّة السيّد نصرالله زعزعة ميزان الردع الصهيوني انطلاقاً من فرضية أنّ الكيان لن يردّ في هذه الفترة.
وحذّر مصدر صهيوني من أنّه في حال لم يحصل ردّ صهيوني، سيُلحق الأمر ضربة قويّة للردع مقابل حزب الله وإيران. ورأى مصدر عسكري في حادثة التسلّل خللاً خطيراً للمؤسّسة الأمنية والعسكرية الصهيونية.
المستوى الإعلامي أبدى اهتماماً كبيراً بحادثة التسلّل المزعومة من لبنان باتجاه الكيان، وبتنفيذ الهجوم عند تقاطع مجِدّو، فقدّم خبراء ومُعلّقون قراءات حول الأمر وتداعياته لفتوا خلالها إلى أنّ هذه الحادثة تنطوي على أسئلة صعبة، حول كيفية حصول التسلّل، وهل كان يوجد نفق أم لا؟ وما الذي أدّى إلى قرار المستوى السياسي الصهيوني بعدم الرد؟.
حزب الله حقق قوة ردع أمام الاحتلال
إلى عدم قدرة "إسرائيل" على تحمل مثل هذا النوع من العمليات التي تثبت فشل أجهزتها الأمنية، لاسيما وأن المنفِّذ تمكن من التسلل عبر الحدود وزرع العبوة والبدء بالانسحاب
اعتبر مختصون في الشأن "الإسرائيلي" سلسلة الاعتداءات "الإسرائيلية" على سوريا خلال الأيام التي تلت عملية تفجير عبوة في مفترق مجدو قبل أسابيع لها علاقة بالعملية وتحمل عدة مؤشرات.
وقال المختصون، إن ذلك يُشير إلى عدم قدرة "إسرائيل" على تحمل مثل هذا النوع من العمليات التي تثبت فشل أجهزتها الأمنية، لاسيما وأن المنفِّذ تمكن من التسلل عبر الحدود وزرع العبوة والبدء بالانسحاب، وهي تشبه إلى حد الكبير التعقيدات والتحديات التي تواجه أجهزتها الأمنية في إحباط العمليات الفردية.
سلسلة الاعتداءات التي استهدفت منشآت تابعة لإيران وحزب الله بفارق زمني بسيط لا يتجاوز الـ24 ساعة، هو بمثابة محاولة للضغط على إيران وحزب الله للتوقف عن تنفيذ مثل هذه العمليات، وتجسّد مدى خشية "إسرائيل" من انتشار ظاهرة زرع العبوات الجانبية لما يترتب عليها من استنزاف لأجهزتها الأمنية خصوصا في ظل حالة التوتر الحالية.
اختيار "إسرائيل" سوريا كمكان للرد على عملية "مجدو"، رغم وجود مؤشرات تدل على أن حزب الله يقف خلفها حسب اعتراف المحللين العسكريين، لهو دليل واضح على حرص "إسرائيل" على عدم الدخول في مواجهة مباشرة مع حزب الله.
وأشار إلى أن ذلك "يعني أن حزب الله تمكن من تحقيق قوة ردع نسبية أمام الاحتلال الإسرائيلي، لاسيما وأنها تعترف بامتلاكه أكثر من 150 ألف صاروخ، وقدرته على إطلاق ما يقارب من 2000 صاروخ يوميا تجاه العمق الإسرائيلي، عدا عن امتلاكها وسائل قتالية أخرى تمنع إسرائيل الاقتراب من لبنان".
تجنّب "إسرائيل" العمل أمام لبنان يكشف أكذوبة جاهزية الجيش "الإسرائيلي" واستعداده للتعامل مع عدة جبهات في آن واحد، متسائلا: "إن لم يمتلك هذا الجيش الجرأة على الدخول في مواجهة مع حزب الله، فهل سيمتلك الجرأة والقدرة على الدخول في مواجهة مع عدة جبهات في آن واحد؟".
القناة 13 العبرية ذكرت، أن "القصف على سوريا ربما هل هو رد إسرائيلي على تسلل منفِّذ عملية التفجير في مجدو من لبنان، وربما حاول الكيان إيصال رسالة لإيران وحزب الله حول جودة المعلومات الاستخبارية التي بحوزتها، وتكريس معادلة جديدة".
وأشارت القناة، إلى أنه "بعد أسبوعين ونصف من عملية مجدو، سلسلة من الهجمات الإسرائيلية في سوريا استهدفت فيلق القدس الإيراني".
وأضافت، أن "حزب الله في جهوزية عالية استعدادًا للرد الإسرائيلي على عملية مجدو، وتأخر الرد على العملية بسبب الأوضاع الداخلية، وهناك فقدان للثقة بنتنياهو بسبب إقالته لغالانت".
"الذئاب المنفردة" تكذّب الرواية الإسرائيلية
وكذّب المجلس الثوري لـ"قوات الجليل – الذئاب المنفردة" في بيان رواية الجيش الإسرائيلي حول تسلل شخص من لبنان، وأكد أن منفِّذ عملية مجدو على قيد الحياة، وهو في مكان آمن ولديها توثيق للعملية.
وأشار المجلس في البيان، إلى أنه "في ظل الأزمات الداخلية التي تعصف بالكيان الصهيوني، وتحت تأثير ضربات المقاومة الفلسطينية ومنها "قوات الجليل – الذئاب المنفردة"، يعمد الجيش الإسرائيلي كعادته إلى تصدير أزماته، وهذا نلمسه بوضوح من خلال السِّجال الحاصل حول عملية مجدو التي نفّذها أبطال الذئاب المنفردة في قوات الجليل".
وأضاف: "إننا في المجلس الثوري لقوات الجليل نؤكد أن كل ما تبثّه الاستخبارات الصهيونية من أنباء حول تنفيذ العملية عارٍ عن الصحة ومنفي جملة وتفصيلا، وإننا في المجلس نتحدى أجهزة الاستخبارات الصهيونية أن تنشر أي معطيات حول منفِّذ العملية، وتنصحه بمراجعة سياساته الإجرامية تجاه أبناء شعبنا، وعدم العبث بالمقدسات، ومنها الأسرى الأبطال".
وتابع قائلا: "نؤكد لشعبنا الفلسطيني العزيز ولكل أحرار العالم سلامة البطل منفّذ العملية وأنه في مكان آمن وأننا نحتفظ بتوثيق للعملية". واختتم المجلس البيان قائلا: "نعاهد أبناء شعبنا على ديمومة استهداف العدو، والاشتباك المباشر وتنفيذ أهدافنا داخل فلسطين وخارجها، مؤكدين على توحّدنا مع جميع الفصائل المؤمنة بالكفاح المسلح".