"مبنا" تعود إلى العراق.. لتوسعة محطة كهرباء الحيدرية بالتزامن مع تظاهر أهلها.. مجلس الوزراء يعيد التعامل مع الشركة الإيرانية
انفوبلس..
بالتزامن مع تظاهرات أهالي ناحية الحيدرية بمحافظة النجف الأشرف بسبب سوء واقع الكهرباء فيها، أقر مجلس توسعة المحطة الكهربائية الموجودة في الناحية والمنفذة من قبل شركة (مبنا) الإيرانية رغم العقوبات الأمريكية المفروضة عليها منذ 2018، فكيف سيتم دفع قيمة التعاقد؟ وما أهمية هذه الشركة ومشاريعها في العراق؟
إقرار توصية
يوم أمس، أقر مجلس الوزراء بجلسته الاعتيادية توصية المجلس الوزاري للطاقة (24060 ط) لسنة 2024، بشأن خطاب ضمان لمشروع توسعة محطة كهرباء الحيدرية في النجف الأشرف، والمتضمنة الموافقة علـى طلب الشركة المنفذة (مبنا) باستخدام الموارد المالية الخاصة بها المودعة في البنوك العراقية، التي لا يمكن التصرف بها حاليًا، والدفعات المالية المستحقة للشركة المذكورة آنفًا على وزارة الكهرباء من المشروعات السابقة والحالية، وحجزها كخطاب ضمان لإتمام مشروع التوسعة، شريطة أن يكون المشروع مدرجًا لدى وزارة التخطيط لسنة/ 2024.
شركة مبنا
في المبني رقم 231 بشارع ميرداماد- على تقاطع شارع كجور بالعاصمة طهران، تقع شركة ومجموعة "مبنا" الإيرانية، واحدة من أهم المؤسسات الاقتصادية، وتشكل واحدة من أكثر الشركات إزعاجا للولايات المتحدة الأمريكية.
وأخذت مجموعة مبنا شكلها مع تأسيس وزارة الطاقة الإيرانية "شركة إدارة مشاريع محطات توليد الكهرباء في إيران" أو باختصار "مبنا" وذلك في تاريخ 12 آب/ أغسطس 1993.
الهدف الأساسي من تأسيس "مبنا" في البداية كان المقاولة العمومية لمشاريع محطات توليد الكهرباء بشكل التحكّم، ولكن سرعان ما توسعت في أغلب المجالات الاقتصادية.
وتعمل شركة "مبنا" في مجال تطوير وإنشاء محطات توليد الكهرباء حرارية وأيضًا تنفيذ مشاريع النفط والغاز والنقل بالسكك الحديدية، وذلك بشكل مقاول تنفيذي مُتحكّم EPC وممول خاص IPP.
وقبل تأسيس شركة مبنا كانت تُدار جميع الأمور التنفيذية لمشاريع محطات توليد الطاقة الكهربائية الحرارية من قبل شركات خارجية، وفي 2009 دخلت عالم التكنولوجيا والاتصالات والإنترنت.
وقامت شركة ومجموعة "مبنا" بتنفيذ ما يقارب المئة من المشاريع الضخمة منذ تأسيسها وحتى الآن، بتكلفة تبلغ الـ 30 مليار يورو.
وكشف عباس علي آبادي، المدير التنفيذي لمجموعة "مبنا" الصناعية الهندسية، في تموز/ يوليو 2015، عن حصول الشركة على أضخم عقد توريد خدمات تقنية وهندسية إيرانية بقيمة 2.5 مليار دولار للعراق عبر تجهيز محطة كهربائية في البصرة.
وتوسعت شركة "مبنا" في أغلب المجالات الاقتصادية والحيوية، وتضم 41 شركة فرعية تابعة لها تحت عنوان "شركة مجموعة مبنا" في كل المجالات.
وفي عام 2005، كانت الشركة من بين أكبر عشر شركات في بورصة طهران، بقيمة تزيد على 1 مليار دولار، وكانت "مپنا" رابع أكبر مؤسسة في سوق طهران للأوراق المالية بحلول يونيو 2010، حيث بلغت القيمة السوقية 2.6 مليار دولار.
وتقدم مجموعة "مبنا" لعملائها 60 منتجا متنوعا و85 نوعا من الخدمات المختلفة، لذلك تُعد أول شركة مقاولات عامة رائدة في الشرق الأوسط لمحطات الطاقة الحرارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولدى مجموعة "مبنا" مكاتب في العراق واندونيسيا وسوريا وسلطنة عمان والجزائر، وتشارك الشركة في الأنشطة التجارية في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وفي آذار/ مارس من عام 2018، أدرجت الخزانة الأمريكية بالتعاون مع وزارة العدل الأمريكية مؤسسة "مبنا" بالإضافة إلى 10 أشخاص يعملون بها على قائمة العقوبات الأمريكية، بسبب اتهامهم في القرصنة على نحو 144 جامعة أمريكية، و176 مؤسسة تعليمية أخرى حول العالم للحصول على أبحاث علمية وأكاديمية، ومعلومات تتعلق بأشخاص، وعلامات مُلكية فكرية، لبيعها والتربح منها لصالح الحرس الثوري.
محطة البصرة
في عام 2015 أعلنت الشركة الإيرانية، المباشرة بإنشاء محطة كهرباء غازية في محافظة البصرة بطاقة ثلاثة آلاف ميغا واط وبقيمة مليارين و500 مليون دولار وفقاً لعقد مع العراق، وبسبب النجاحات الكبيرة لهذه الشركة في قطاع الطاقة، تواجه بشكل مستمر محاولات أمريكية لتقويض عملها.
الشركة أشارت إلى أن إيران ستموّل المشروع بالكامل، وأكدت أن العقد يلزم العراق بشراء الكهرباء من المحطة خلال مدة تستمر من 15 إلى 17 عاماً.
وقال المدير الإداري للشركة عباس علي آبادي في حديث صحفي بعد توقيع العقد عام 2015، إن "الشركة باشرت بتنفيذ محطة الرميلة الغازية لتوليد كهرباء بطاقة ثلاثة آلاف ميغا واط وبقيمة 2.5 مليار دولار بعد أكثر سنة ونصف من المفاوضات مع الجانب العراقي".
وأضاف آبادي، إن "إيران ستتكفل بتمويل المشروع بالكامل". مؤكداً، إن "العقد يلزم العراق بشراء الحكومة العراقية للطاقة الكهربائية المُنتِجة من المحطة لمدة تمتد من 15 إلى 17 سنة".
ويأتي توقيع العقد مع الشركة الإيرانية بعد نجاحها بنصب محطات توليد في النجف وبغداد التي كانت على وشك أن تستقبل وقود الغاز الإيراني عبر خط الأنابيب لتدخل حيز التشغيل قريباً.
واستناداً للعقد تقوم مبنا بتجهيز معدات المحطة الكهربائية والتي تتضمن محركات التوربين البخارية والغازية والبويلرات إضافة إلى تنفيذ الأنشطة الهندسية والإشراف على المشروع.
وكان من المقرر أن يعزز هذا المشروع طاقة الإنتاج الكلية للكهرباء في العراق بنسبة 20%، والذي كان يسعى إلى توليد 20 ألف ميغا واط بحلول العام 2016.
واستغرق بناء المحطة أربع سنوات مع ربط وحدة التوليد الأولى من المحطة الكهربائية مع شبكة الكهرباء الوطنية في مطلع العام 2017.
معرقلات غربية
وبعد نجاح الشركة وتنفيذ وعودها بلا تلكؤ، أصبحت هدفاً غربياً تسعى الولايات المتحدة ودولاً أوروبية لتقويض أعمالها عبر الضغوط والتهديدات. حيث أشار تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، نشر في أيار/مايو من العام الماضي، إلى أن عملاقة الطاقة شركة "شل" تُثير الريبة إزاء دورها المزعوم في مساعدة كيانات تجارية إيرانية على التربّح السخي من مشروعات ضخمة تنفّذها الأخيرة في قطاع الطاقة العراقي.
ورغم أن شركة النفط الأنغلو هولندية سارعت إلى تفنيد تلك المزاعم التي تطالها بين الحين والآخر عبر نفي وجود أيّ تعاملات مباشرة بينها وبين شركات إيرانية في العراق، فإنه ما تزال هناك علامات استفهام تُلقي بظلالها في هذا الخصوص.
الصحيفة ذكرت أن شركة إيرانية تبرز بصفتها المستفيد الأكبر من محطة كهرباء تتهيّأ لتزويد مشروع تدعمه شل في العراق، ما يسلّط الضوء على شكل التعاون بقطاع الطاقة بين طهران وبغداد، ويضع شل على طرفي نقيض مع الأولويات الجيوسياسية المتغيرة للغرب في الشرق الأوسط، بحسب الصحيفة.
وستصبح شركة غاز البصرة المملوكة بنسبة 44% من قبل شل المُدرجة في بورصة لندن، مُستهلِكًا رئيسياً للكهرباء المولَّدة من محطة الرميلة المستقلة الواقعة جنوب العراق حينما تدخل المحطة الجديدة التابعة للأولى حيز التشغيل في يونيو/ حزيران (2023).
محطة الرميلة ومشروع شلّ
تعود ملكية محطة الرميلة إلى مجموعة شمارة هولدنغ الاستثمارية، ومقرّها الأردن، لكنها بُنيت بوساطة مجموعة "مبنا" ويحقّ لها الحصول على 78% من الإيرادات المُتحققة من مبيعات الكهرباء من المحطة، وفقًا لوثائق طالعتها "فايننشال تايمز".
ولطالما نال مشروع شل المشترك، الذي حصل على تمويل من البنك الدولي، إشادة واسعة لدوره المهم في شراء الغاز الذي سبق أن جرى حرقه في حقول النفط العراقية، ثم معالجته بُغية استعماله في توليد الكهرباء، أو لتصديره، أو حتى استعماله في أغراض الطهي.
وتمتلك شركة غاز الجنوب العراقية الحكومية 51% من أسهم المشروع، في حين تستحوذ شركة ميتسوبيشي اليابانية على 5%، لكن شل وشركة غاز البصرة تؤكدان أنه لا تجمعهما أيّ علاقة مع مبنا.
ولا يوجد ما يدلّ على أن المدفوعات الآتية من شركة غاز البصرة لشراء الكهرباء من محطة الرميلة، والتي دفعتها وزارة الكهرباء العراقية، ستخرق العقوبات الأميركية أو الأوروبية بشأن التعامل مع إيران.
ظروف وجود الشركة الإيرانية
حينما وقع الاختيار على مبنا للمساعدة على بناء محطة كهرباء الرميلة عام 2015، كانت إيران -آنذاك- على وشك توقيع اتفاق طهران النووي مع القوى الغربية، كما كانت العلاقات آخذةً في التحسّن حينها.
ذهبت تلك المؤشرات الإيجابية على العلاقة بين طهران والغرب أدراج الرياح، بعد مُضي 3 سنوات، حينما سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بلاده من الاتفاق النووي، ليُعيد فرض العقوبات على طهران.
مُنح عقد تطوير محطة كهرباء الرميلة البالغة سعتها 3 آلاف ميغاواط إلى شمارة هولدنغ في عام 2014، بدعم من اتفاقية شراء طاقة مُبرَمة مع وزارة الكهرباء العراقية.
وكانت الشركة تأمل -في بادئ الأمر- العمل مع شريك أوروبي أو أميركي، غير أنها عانت الأمرّين في تحقيق هذا الهدف، ومع اجتياح "داعش" مناطق واسعة من العراق وسوريا في ذاك الصيف؛ ما أرهب المستثمر الغربي، بحسب مصدر مُطّلع على المراحل الأولى من المشروع.
في غضون ذلك، فتح عامان من المفاوضات الدائرة بين القوى الغربية وإيران حول اتفاق نووي إمكان تجدد التعاملات مع الشركات الإيرانية، وفق ما صرّح به المصدر ذاته.
وفي النهاية، فازت مبنا بعقد بناء وتزويد التكنولوجيا الرئيسية لمحطة كهرباء الرميلة، لامست قيمته 2.05 مليار دولار، بدعم من ضمان مدفوعات منحته إياها الحكومة العراقية، والمُبرم في 9 يوليو/ حزيران (2015)، أي قبل أيام من توقيع الاتفاق النووي بين طهران والقوى الغربية.