إكسون موبيل تودع العراق خالية المنجزات .. هكذا أضَرَّت القطاع النفطي وهذه قصة إحالة حقل غرب القرنة إليها
انفوبلس/ تقارير
بعد أكثر من عشر سنوات خالية الوفاض كبّدت العراق خلالها خسائر كبيرة وتسببت بتأخر تقدم القطاع النفطي فيه، غادرت شركة إكسون موبيل الأميركية البلاد بعد بيع ما تبقى من حصتها إلى شركة نفط البصرة. انفوبلس سلّطت الضوء على الموضوع وستفصّل كيف تسببت هذه الشركة بشل القطاع النفطي في العراق لأكثر من عقد مع بيان وسرد تفاصيل الشركة البديلة التي ستحلّ محلها.
*إكسون موبيل تغادر العراق
في الأسبوع الجاري، أعلنت وزارة النفط العراقية، عن توقيع اتفاق تسوية مع شركة "إكسون موبيل" الأميركية للطاقة من أجل وضع اللمسات النهائية لخروجها من حقل غرب القرنة1 النفطي.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي البارز نبيل المرسومي، إن" شركة إكسون موبيل باعت حصتها إلى شركة نفط البصرة والبالغة 22.7% في حقل غرب القرنة /1 الذي يبلغ احتياطيه المؤكد 20 مليار برميل وينتج نحو 500 ألف برميل يوميا أو ما يعادل 9% من إنتاج النفط في العراق".
وأضاف المرسومي، إن" العراق سيدفع 350 مليون دولار للشركة الأمريكية غير أن هناك خلافًا بين الطرفين بشأن مقدار الضرائب التي تدفعها إكسون موبيل إذ يطالب العراق بأن تدفع الشركة الأمريكية 120 مليون دولار فيما وافقت إكسون موبيل على دفع 12 مليون دولار فقط ولم يُعرف بعد فيما إذا كان هذا الاتفاق قد حسم مسألة الضرائب أم أنها ستحال إلى التحكيم الدولي".
*شركة صينية بديلة
وزارة النفط أعلنت أيضا، عن السماح لشركة "بتروجاين" الصينية بأن تكون المشغّل الرئيسي للحقل، خلفا لأكسون موبيل المغادرة.
وقال معاون مدير شركة نفط البصرة لشؤون الحقول النفطية وجولات التراخيص، حسن محمد، إنه تم التوصل إلى أن الخيار الأفضل هو أن تصبح "بتروجاين" المشغّل الرئيسي لحقل غرب القرنة 1، طبقاً لما نقلته عنه وكالة "رويترز".
وتبعاً لذلك، فإن "يتروجاين" سوف تمتلك الحصة الأكبر في الحقل بعد رحيل "إكسون موبيل" التي كانت تمتلك حصة تبلغ 22.7 % في حقل نفط غرب القرنة 1 العملاق في العراق، الذي تبلغ طاقته 550 ألف برميل يومياً.
وقال المسؤول العراقي، إنه تم كذلك التوقيع على "اتفاقية بيع" تنظم الأمور المالية لاستكمال عملية الاستحواذ على حصة "إكسون موبيل" في حقل غرب القرنة 1 النفطي من قبل شركة نفط البصرة التي تديرها الدولة.
*كيف دخلت إكسون موبيل السوق العراقي؟ وكيف فشلت فشلاً ذريعاً؟
كانت إكسون موبيل واحدة من العديد من شركات النفط الدولية التي أبرمت مذكرة تفاهم مع وزارة النفط في عام 2004. تم توقيع مذكرة التفاهم مع هذه الشركة في 27 تشرين أول/ أكتوبر 2004، وتم تجديدها مرتين وبقيت سارية حتى نهاية عام 2008، وهي تشمل إجراء سبع دراسات مشتركة وتدريب.
وتشمل الدراسات المشتركة: المرحلتان الأولى والثانية لتطوير حقل الزبير النفطي. دراسة زلزالية وتقييمية للرقعة الاستكشاف (القديمة) 12، إعداد قاعدة البيانات؛ إعداد وثيقة المناقصة النموذجية للقطعة الاستكشافية 12، تأهيل مركز التدريب النفطي في بغداد. حقل بلد للنفط، برنامج الحفر العميق لجنوب الرميلة. كما والتزمت الشركة بتوفير التدريب لـ 129 موظفًا في وزارة النفط، بإجمالي 1068 يوم عمل، خلال عامي 2005 و2006.
عندما قررت وزارة النفط إجراء جولة التراخيص الأولى، كانت إكسون موبيل واحدة من سبع شركات أمريكية مؤهلة، من بين 35 شركة نفط دولية، للمشاركة في جولة العطاءات تلك والتي عُقدت يومي 29 و30 حزيران/ يونيو 2009.
شكلت أكسون موبيل ثلاثة ائتلافات consortia وقدمت عطاءات لثلاثة حقول نفطية لكنها لم تفُز بأي شيء خلال يومي المنافسة.
كان الائتلاف الأول مع بتروناس ويتعلق بحقل الرميلة النفطي. في النهاية فازت شركتي BP/CNPC عندما خفضت أجور الخدمة إلى الحد الأعلى الذي حددته وزارة النفط.
الكونسورتيوم الثاني مع شل وبتروناس ويتعلق بحقل الزبير، وقد تنافس مع ثلاثة تحالفات أخرى: إيني / سينوبك / أوكسيدنتال / كوكاس؛ CNPC / BP؛ غازبروم / ONGC / شركة البترول التركية.
الكونسورتيوم الثالث مع شركة شل ويخص حقل غرب القرنة1 وتنافس مع أربعة تحالفات أخرى: CNPC / Petronas Japex؛ لوك أويل / كونوكوفلبس؛ توتال؛ ريبسول / ستات أويل هايدرو / ميرسك.
لم يفُز أي تحالف بأي حقل خلال يومي جولة التراخيص، باستثناء حقل الرميلة كما ذكر آنفاً.
في أكتوبر 2009، وافقة الشركة الايطالية ENI على الحد الأقصى لأجور الخدمة الذي حددته وزارة النفط ووافقت كذلك على إقصاء الشركة الصينية Sinopec من ائتلاف حقل الزبير، لأن الشركة الصينية وافقت، بعد أيام من جولة التراخيص الأولى، على شراء حصة الشركة الكندية Addax في حقل طقطق KR في إقليم كوردستان العراق؛ وبذلك حصل كونسورتيوم إيني على عقد الزبير.
*القصة الكاملة لإحالة حقل القرنة إلى إكسون موبيل
في أوائل شهر أكتوبر 2009، نقل تقرير بي بي سي عن رئيس شركة لوك أويل فاجيت أليكبيروف قوله: "لقد أعلمنا وزارة النفط العراقية أن كونسورتيوم لوك أويل وكونوكو فيليبس مستعد للدخول في محادثات مباشرة بشأن مشروع غرب القرنة1 بالشروط. التي أعلنتها وزارة النفط العراقية في وقت سابق".
ربما وجدت أكسون موبيل نفسها متخلفة وخرجت من جولة التراخيص الأولى بدون أي شيء، حيث فازت BP / CNPC بحقل الرميلة وضمن تحالف إيني حقل الزبير والآن يتنازل تحالف لوك أويل ويقبل بشروط وزارة النفط فيما يتعلق بحقل غرب القرنة1. علاوة على ذلك، لم يكن لدى أكسون موبيل أية نيّة للمشاركة في جولة التراخيص الثانية التي ستعقد في شهر كانون أول/ ديسمبر 2010.
كل ما سبق دفع تحالف إكسون موبيل، بعد أربعة أسابيع من إعلان تحالف لوك أويل، إلى إعلان قبول شروط الوزارة فيما يتعلق بالحد الأقصى لأجور الخدمة.
فضلت الوزارة عرض تحالف إكسون موبيل من خلال عدم النظر في عرض تحالف لوك أويل عند تقديمه في حينه! وعندما قدّم تحالف إكسون موبيل عرضه تم اختياره فورا، ويتوقع أن تبرير ذلك يعود الى أفضلية مستوى إنتاج الذروة PPT الذي يميل لصالح تحالف إكسون موبل!.
وافق مجلس الوزراء على إحالة حقل غرب القرنة1 إلى تحالف إكسون موبل في 25 كانون ثاني 2011.
*قصة تفاوض إكسون موبيل سرّاً مع إقليم كردستان
لكن إكسون موبيل تفاوضت سرّاً مع حكومة إقليم كردستان بعد أن حصلت الشركة على عقد غرب القرنة1 من وزارة النفط الاتحادية ووقعت التعديل الثاني للعقد في 18 آب/ أغسطس 2010 بإضافة 500 ألف برميل يوميا إلى إنتاج الذروة المتعاقد عليه PPT المرتفع أصلا وبزيادة أجور الخدمة إلى 2 دولار/ برميل.
أدت المفاوضات السرّية بين إكسون موبيل وحكومة إقليم كردستان إلى توقيع ستة اتفاقيات مشاركة في الإنتاج في 18 أكتوبر 2011، على الرغم من أنها تعرف مسبقاً بسياسة القائمة السوداء التي اتبعتها وزارة النفط الاتحادية، أي تجاهلت إكسون موبيل السياسة المعلَنة للحكومة الاتحادية.
وقد أضاف توقيع العقود المبرمة مع حكومة إقليم كردستان الملح على الجرح حيث إن ثلاثة من هذه العقود تتعلق برُقع استكشاف وحقول تقع ضمن "المناطق المتنازع عليها" وهي بعشيقة والقوش وقرى حنجير، والثلاثة الآخرون هم شرق أربات وبريمام وبيتواتا.
أدت هذه الخطوة غير الحكيمة والمحيرة من قبل شركة إكسون موبيل إلى استبعادها من قيادة مشروع إمداد مياه البحر المشترك - CSSP وتقليص نسبة مشاركتها في حقل غرب القرنة 1 (من خلال التعديل الثالث للعقد بتاريخ 28 تشريت ثاني/ نوفمبر 2013) وإدراجها في القائمة السوداء مما يحرمها من المشاركة في أي مشاريع مستقبلية مثل مشروع الناصرية المتكامل- NIP .
كان هذا العمل غير الحكيم مؤشراً على بداية أُفول هذه الشركة النفطية الدولية العملاقة في قطاع النفط الإنتاجي العراقي.