اجتياح إماراتي لطاقة ووقود العراق.. كيف استحوذت شركات "مصدر وطاقة والهلال" على العقود الضخمة؟
انفوبلس/ تقارير
بعد اليمن وليبيا وإريتريا ومالي والصومال ودول أخرى، يبدو أن "عيال زايد" قرروا أن يحطّوا الرحال هذه المرة في العراق، فالاجتياح الإماراتي لسوق الطاقة والوقود في العراق، واستحواذ شركات "مصدر والطاقة والهلال" على عقود كبيرة، يُبرهن حالة التوغل الإماراتي بعمق الاقتصاد العراقي.
وبدأ الحديث يتصاعد عن دور إماراتي تشهده الساحة العراقية، يطل من نافذة الاقتصاد والتعاون المشترك، إلا أن أذرعه تتحرك شمالا وجنوبا، كما يرى كثيرون. ورغم أن هذا التواجد كان مصحوبا بكثير من الوعود منذ اليوم الأول، إلا أن معظم هذه المشاريع لم ترَ النور حتى اللحظة.
كما أن ذلك لم يمنع البعض من البحث عن بصمات إماراتية في العديد من الأحداث التي تدور رحاها في العراق اليوم، فبعد تأييد "استفتاء إقليم كردستان" لم يعُد الحديث سرّاً عن تحول دبي –وفقا لتقارير أمنية واقتصادية- إلى وجهة مفضلة للسياسيين العراقيين ورجال الأعمال الذين تدور حولهم شبهات الفساد.
خارطة مصالح اقتصادية تمتد من الشمال حتى الجنوب، وتتنوع بين مشاريع رسمية في قطاعي النفط والعقارات، وأخرى خارج نطاق القانون تتمثل في عمليات تهريب للنفط والآثار والسيارات، وعرقلة مشاريع حيوية كان يمكن أن تستفيد منها ميزانية العراق المرهقة بالديون والأزمات.
*استحواذ شركات "مصدر والهلال وطاقة" على العقود
تعتبر هذه الشركات من أبرز الشركات التي دخلت سوق الاقتصاد العراقي وهيمنت على العديد من العقود الكبيرة، وستفصّل انفوبلس أبرز هذه العقود والمشاريع التي استنزفت من العراق ملايين الدولارات ولم ترَ النور لغاية الآن.
*"طاقة" والاستثمار عبر الإقليم
في عام 2013، أعلنت شركة الطاقة الإماراتية في أبو ظبي "طاقة"، أنها "تستعد للبدء" بالإنتاج النفطي من حقل اتروش في إقليم كردستان مع "نهاية عام 2014"، وبيّنت أنها ستستثمر في الحقل "600 مليون دولار للبدء بإنتاج 30 ألف برميل باليوم، فيما كشفت عن قرب "توقيع عقد لتطوير محطة كهرباء في السليمانية".
وقال مدير عمليات الشركة في العراق آنذاك ليو كووتس في تصريح نشره موقع (بلومبيرغ) للأخبار الاقتصادية، إن "الشركة تستعد للبدء بالإنتاج النفطي من حقل اتروش Atrush في إقليم كردستان مع نهاية عام 2014"، مبينا إن "المبلغ الذي ستستثمره الشركة في الحقل سيبلغ 600 مليون دولار والذي يُقدر احتياطيه النفطي بمقدار 3.5 مليار برميل من النفط".
وبين كووتس، إن "الشركة على وشك توقيع عقد لتطوير محطة طاقة كهربائية في السليمانية"، لافتا إلى أنه "من شأنها أن تزيد من إنتاج المحطة لتصل الى 1,500 ميغاواط وهي تنتج حاليا ألف ميغا واط فقط".
*"الهلال" والاستحواذ على العقود
في الحادي والعشرين من شباط الماضي، أفاد مصدران حكوميان في بغداد، بأن شركة نفط الهلال التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، وقعت ثلاثة عقود من أجل تطوير حقول للغاز في محافظتي ديالى والبصرة، وفقا لوكالة رويترز.
وذكرت رويترز نقلا عن شركة نفط الهلال، أنها ستقوم بتطوير حقلين في محافظة ديالى لإنتاج 250 مليون قدم مكعب قياسي يوميا من الغاز الطبيعي في غضون 18 شهرا لتزويد محطات الطاقة القريبة.
وأوضحت الشركة أنها تسعى لاستكشاف وتطوير مجمع ثالث في محافظة البصرة لتعزيز إمدادات النفط والغاز.
*"مصدر" والمشاريع الورقية
في فترة حكومة الكاظمي وبالتحديد في تاريخ 25/6/2021، أعلنت وزارة النفط العراقية، توقيع عقد مع شركة "مصدر" الإماراتية لتنفيذ مشاريع طاقة شمسية لإنتاج 2000 ميغاواط من الكهرباء.
جاء ذلك في بيان وزير النفط إحسان عبد الجبار، عقب رعايته حفل توقيع العقد بين وزارة الكهرباء وشركة "مصدر" الإماراتية.
ووصف عبد الجبار العقد، بأنه "الأضخم من نوعه في العراق لإنتاج الطاقة النظيفة، مبينا أنه يتضمن توليد 2000 ميغاواط، من خلال إقامة مشاريع استثمار للطاقة الشمسية في وسط وجنوب البلاد.
ولم يقدم عبد الجبار (الذي ثَبُت قبل مدة تورطه بسرقة القرن) تفاصيل حول مواقع محددة لإقامة هذه المشاريع، أو قيمة العقد. لكنها ورغم مرور أكثر من عامين عليها، لم ترَ النور لغاية الآن وكل ما تم الاتفاق عليه بقي على الورق باستثناء الملايين التي تحصلت عليها الشركة الإماراتية.
*مساعدات صورية
ورغم أن الإمارات أعلنت في وقت سابق، عن تقديم خمسمئة مليون دولار للمساهمة في جهود إعادة الإعمار، في "مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق"، ثم تقدمت بعد ذلك بمبادرة لإعادة بناء وترميم المسجد النوري ومنارة الحدباء؛ إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق على أرض الواقع.
ويرى الخبير الاقتصادي ماجد جواد، أن مؤتمر الكويت كان "صوريا"، ولا توجد أي مبالغ دُفِعت للعراق لإعادة إعمار المحافظات التي دمّرتها الحرب حتى الآن.
وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والعراق خلال عام 2015 نحو 13 مليار دولار، وانخفض إلى 11 مليار دولار في عام 2016، منها 2.6 مليار دولار صادرات إماراتية، و6.7 مليارات دولار حجم تجارة إعادة التصدير، و1.8 مليار دولار واردات من العراق.
ووفقا لجواد، فإن الاقتصاد العراقي ريعي والصناعة والزراعة شبه متوقفة، مما يجعل الحاجة مستمرة لاستيراد البضائع لتلبية حاجة المستهلك، وسياسة الإمارات تقوم على الإغراق السلعي للسوق العراقية، مما يلحق أضرارا بالغة بالصناعة المحلية ويمنع تطورها.