الإقليم يضخ النفط "بلا وجع قلب" والمركز تحت طائلة الرصد.. هل تدفع واشنطن لأربيل بغية خفض الأسعار؟
انفوبلس/ تقارير
كعادتها، لا يروق لابنة العراق "الضالّة" استقرار البلد الأم، فهي تعمل بشتى الطرق على نسف ذلك الاستقرار على مختلف الصعد، الأمني والسياسي وآخره الاقتصادي. فكردستان التي عقدت الكثير من الاتفاقات بمعزل عن المركز أحرجت بغداد مؤخرا بعد أن خرّبت التزام العراق في أوبك بلس نتيجة ضخها كميات كبيرة من النفط وهذا ما رصدته شركة "إس آند بي غلوبال كومودتي إنسايتس" التي أكدت تجاوز بغداد حصتها المقررة من الإنتاج وسط مخاوف من دفع أمريكي لأربيل من أجل خفض الأسعار.
*إنتاج فوق السقف المحدد لشهرين متتالين
للشهر الثاني على التوالي خلال العام الحالي، أنتج العراق أكثر من السقف الذي حدده لنفسه ضمن التخفيض الطوعي للعام الحالي والذي من المفترض أن لا يتجاوز الـ 4 ملايين يوميًا.
وفي يناير الماضي، أنتج العراق أكثر من سقفه الإنتاجي الذي وضعه لنفسه بنحو 200 ألف برميل يوميًا، حيث أنتج في يناير 4 ملايين 194 ألف برميل يوميًا.
بعد ذلك، قال وزير النفط العراقي حيان عبد الغني إن العراق، ملتزم بتخفيضه الطوعي في اتفاق أوبك+ ولن ينتج أكثر من 4 ملايين برميل يوميا من النفط الخام.
وقال عبد الغني، إن بغداد ستراجع إنتاجها النفطي وستعالج أي زيادات تتجاوز التزامها بتعديلات الإنتاج المتفق عليها مع أوبك بلس في الشهور الأربعة المقبلة.
*كردستان تخرّب التزام العراق في أوبك بلس
لكن ما حدث في فبراير، أنه تمت زيادة الإنتاج أكثر من معدل يناير، حيث ارتفع الإنتاج من 4 ملايين و194 ألف برميل يوميًا في يناير، الى 4 ملايين و270 الف برميل يوميًا، أي بزيادة 76 الف برميل يوميًا إضافية، على العكس من كلام الوزير الذي وعد بمراجعة الإنتاج ومعالجة الزيادات.
ويبدو أن مشكلة عدم التزام العراق بتخفيض الإنتاج، ناجم عن إنتاج النفط في كردستان دون سقف واضح لبغداد، فيما أشارت تقارير في وقت سابق الى أن بغداد دعت حكومة إقليم كردستان إلى كبح إنتاج النفط لمساعدة بغداد على الالتزام بحصتها الإنتاجية في إطار اتفاق "أوبك+".
وفي ديسمبر أنتج العراق أكبر من حصته الإنتاجية بـ100 الف برميل، والآن بدأ العراق خلال العام الحالي بإنتاج اكثر من حصته بـ250 الف برميل، وسط توقعات بأن تكون هذه الزيادات من إقليم كردستان.
وسبق أن أعلنت شركة دي أن أو النرويجية أن إنتاجها في حقل طاوكي ارتفع الى أكثر من 80 ألف برميل يوميًا ليتعافى عن الانخفاض الكبير الذي ضرب إنتاج كردستان بعد توقف التصدير من ميناء جيهان التركي.
ومن أصل 450 الف برميل يوميا كان ينتجها كردستان، انخفض إنتاجه بشكل كبير بعد إيقاف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي منذ عام وتحديدا في مارس 2023، حتى وصل الى 50 ألف برميل يوميًا فقط، وبدأ الإنتاج يتصاعد ومن غير المعلوم ما إذا كان قد وصل إجمالا الى أكثر من 150 الف برميل يوميا الآن، وسط غياب البيانات والتكتم على المعلومات من قبل شركات النفط الأجنبية العاملة في كردستان.
*شركة عالمية ترصد تجاوز بغداد حصتها المقررة
وفي هذا الصدد، أظهر مسح "بلاتس" أجرته "إس آند بي غلوبال كومودتي إنسايتس" وهي شركة تداول عالمية، اليوم السبت (9 آذار 2024)، استقرار إنتاج دول تحالف أوبك+ من النفط في شباط/ فبراير، فيما أشار الى تباين مدى التزام الأعضاء بتعهدات خفض الإنتاج، حيث واصل كل من العراق وكازاخستان ضخ كميات أعلى بكثير من حصتيهما.
وأنتج التحالف المكون من 22 دولة، 41.21 مليون برميل يومياً في فبراير/ شباط، موزعاً بواقع 26.58 مليون برميل يومياً من أعضاء "أوبك" الـ12 و14.63 مليون برميل يومياً من شركائها العشرة بقيادة روسيا.
وكشف التقرير أن دول "أوبك+" التي نفذت التخفيضات أنتجت 175 ألف برميل يومياً فوق حصصها المجمعة خلال فبراير، بمعدل امتثال قدره 97.8%.
فيما أنتج العراق 4.27 مليون برميل يومياً في فبراير، مقابل حصته البالغة 4 ملايين برميل يومياً.
ووفق اقتصاديين، فإن ما تفعله كردستان يهدد بإغراق السوق وخفض الأسعار لاسيما في ظل المخاوف الكبيرة من وجود دفع أميركي لأربيل من أجل تحقيق هذا المأرب.
*مخاوف من دفع أمريكي لأربيل من أجل خفض أسعار النفط
بعد الخراب الذي سببه الإقليم بالتزام العراق في اتفاقه مع أوبك، ومواصلة ضخ كميات كبيرة من النفط بمعزل عن المركز، وبعد زيارة رئيس حكومة الإقليم إلى واشنطن، برزت إلى الساحة مخاوف حقيقية من وجود دفع امريكي للأموال إلى أربيل من أجل الضغط عليها مواصلة الضخ المستمر للنفط بغية خفض الأسعار.
وبهذا الشأن، تحدثت مصادر مطلعة عن اتفاق كردي أمريكي يدفع واشطن للضغط على الحكومة الاتحادية في بغداد والقضاء العراقي ومجلس النواب للتهاون من الإقليم وعدم محاسبته على مخالفاته القانونية وسرقة ما ليس حقه وتجويعه وملاحقته للشعب الكردي الرافض لسياسة حكومته الديكتاتورية.
وأضافت، أن واشنطن ستحاول أيضا إجبار العراق على اقتطاع حصة من أموال نفطه تُسلَّم بشكل مباشر إلى حكومة الإقليم وهو الأمر الذي رفضته بغداد والقضاء العراقي في العديد من المناسبات.
وفي هذا السياق، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، دعم بلاده لأمن إقليم كردستان العراق، و"تقاسم الإيرادات والموازنة مع بغداد".
من جانبه، قال البيت الأبيض إن سوليفان شدّد خلال استقباله رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني في واشنطن على دعم الولايات المتحدة لجهود حكومة كُردستان والحكومة العراقية من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن اقتسّام الإيرادات والموازنة يُعزز الاستقرار والحكم الرشيد والتقدم الاقتصادي في أنحاء العراق وكُردستان، بحسب وسائل إعلام أميركية.