العراق يلتف على العقوبات الأميركية بمقايضة تاريخية مع إيران.. ضربة معلم أم نصف حل؟
انفوبلس/ تقارير
في خطوة عُدّت بالالتفاف على العقوبات الأميركية وبعثرة حسابات واشنطن الاقتصادية في العراق، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني توقيع اتفاق مع إيران يفضي بمقايضة النفط الخام أو الأسود بالغاز الإيراني. فهل تعتبر خطوة السوداني "ضربة معلم" لإنهاء أزمة الكهرباء؟ أم أنها نصف حل؟، انفوبلس سلطت الضوء على كواليس ما أعلن عنه السوداني ومكتبه الإعلامي بشأن أزمة الكهرباء، وهل ستكون هذه الاتفاقية كفيلة بحل أزمة الكهرباء في العراق.
*اتفاق النفط مقابل الغاز مع إيران
بعد أزمة الكهرباء الخانقة التي عصفت بالبلاد مطلع الصيف الحالي، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس الثلاثاء، انتهاء أزمة توريد الغاز المشغل لمحطات الطاقة الكهربائية بعد اتفاق ثنائي مع إيران.
وقال رئيس الوزراء في كلمة للشعب تابعتها شبكة انفوبلس، إنه" تم الاتفاق مع إيران على تزويدها بالنفط الأسود مقابل الغاز، والقرار سيضمن استمرارية توريد الغاز وبه ستنتهي الأزمة الحالية".
وأضاف، إنه" تم استئناف توريد الغاز الإيراني وستتصاعد الكميات بدءاً من مساء اليوم إذ سيتدفق 10 مليون م3 قياسي وستعود إلى ذات الكميات السابقة وتم توقيع اتفاق بهذا الشأن".
وتابع، إنه "بسبب عدم ورود الموافقات الأميركية على تحويل المبالغ لإيران تم إيقاف إمدادات الغاز في وقت سابق وانحسرت بنسبة تتجاوز الـ 50%".
وأكد، إن" العراق سدّد جميع مستحقاته الخاصة بالغاز الإيراني والبالغة 11 مليار دولار وأودعت في حساب الشركات الإيرانية وحولنا 1.8 مليار يورو لإيران لسداد مستحقات الغاز".
ولفت رئيس الوزراء إلى، أن" مشاريع الغاز الوطنية الحالية المتمثلة بجولة التراخيص الخامسة وعقودنا مع توتال الفرنسية وكذلك مشاريع غاز البصرة ستنهي الحاجة للاستيراد بعد اكتمالها خلال سنتين إلى ثلاث سنوات".
*توقيع الاتفاق
بدوره، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، توقيع اتفاق بين العراق وإيران لمقايضة الغاز المستورد بالنفط الخام العراقي.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان تلقته شبكة انفوبلس، أنه "جرى في بغداد، توقيع اتفاق بين جمهورية العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية، تتم بموجبه مقايضة الغاز الإيراني المستورد والمُشَغّل لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية، بالنفط الخام العراقي والنفط الأسود".
وأضاف، أنه "وقع الاتفاق عن الجانب العراقي مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء إحسان ياسين العوادي، في حين وقعه عن الجانب الإيراني، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بغداد محمد كاظم آل صادق، وقد جرى التوصل إلى الاتفاق بعد مفاوضات استمرت أياماً عدة، شاركت فيها وفود ولجان فنية وتقنية من الجانبين".
وتابع، أنه "هذا الاتفاق يأتي في إطار الجهد الحكومي لمعالجة أزمة توريد الغاز المُشَغِّل لمحطات الكهرباء، وتفادي مشكلات التمويل وتعقيدات العقوبات الأميركية التي حالت دون استمرارية تسديد متطلبات الاستيرادات، وسيُسهم الاتفاق في توفير مرونة أكثر لعملية توريد الغاز وتشغيل المحطات واستقرار إنتاج الطاقة الكهربائية".
*وزارة النفط: الاتفاق مع إيران سينهي التعثر بسبب العقوبات الأميركية
من جهتها، أكدت وزارة النفط، أن الاتفاق مع إيران سيضمن انسيابية تدفق الغاز المورد وينهي التعثر السابق بسبب العقوبات الأميركية، مشيرةً إلى أن تنفيذه سيتم وفق آلية متفق عليها وفق تسعيرة الأسواق العالمية، لافتة في الوقت نفسه إلى أن الوزير حيان عبد الغني أجرى اتصالات لتسريع تنفيذ توجيهات رئيس الوزراء الخاصة بالاتفاق.
وقال المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد للوكالة الرسمية، إن "الاتفاق مع إيران على مقايضة الغاز الإيراني بالنفط الأسود العراقي يمثل أحد أهم الحلول التي لجأت لها الحكومة ومجلس الوزراء لتسديد مستحقات الغاز المورد".
وأضاف، إن "الاتفاق سيضمن انسيابية تدفق الغاز المورد وينهي التعثر السابق بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وتم بموجبه الاتفاق على ألية التجهيز والتسعيرة المعتمدة في الأسواق النفطية والوزارة أبدت استعدادها لتنفيذ توجيهات رئيس الوزراء لضمان استمرار تدفقات الغاز بانسيابية".
وتابع، إن "هذه الخطوة مهمة جداً ونائب رئيس الوزراء وزير النفط حيان عبد الغني عقد اجتماعا فورياً واتصالات مع الوكلاء والمديرين المعنيين ووجه بالإسراع بتنفيذ توجيهات رئيس الوزراء ومجلس الوزراء التي صدرت اليوم".
*الكهرباء: الاتفاق على مقايضة الغاز بالنفط الأسود سينهض بواقع الطاقة
من جانبها، أكدت وزارة الكهرباء، أن الاتفاق مع إيران على مقايضة الغاز الإيراني بالنفط الأسود العراقي سينهض بواقع الكهرباء، وفيما أشارت إلى أن الكميات سترتفع تدريجيا، أكدت أن خطتها بالموازنة الثلاثية تستهدف تنويع مصادر الطاقة.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى، إن "الاتفاق اليوم مع الجانب الإيراني حول مقايضة الغاز المورد بالنفط الأسود جاء بعد متابعة مستمرة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ويمثل خطوة استراتيجية ستنهض بواقع منظومة الكهرباء لأنها ستنهي مشكلة شح الغاز".
وأضاف، إن "الاتفاق يؤمن حصول مستحقات الغاز للجانب الإيراني لقاء مقايضته أيضاً بالنفط الأسود لتنتهي هذه المشكلة المزمنة التي تتكرر كل موسم خلال ذروة الأحمال الصيفية".
وتابع، إن "الاتفاق سيوجد حلاً جذريا للمشكلة يتزامن مع استمرار المشاريع الحالية لاستثمار الغاز والتي أشار إليها رئيس الوزراء في كلمته وهي تحظى بمتابعة مستمرة منه".
وأكد، إن "إطلاقات الغاز سترتفع بموجب الاتفاق تدريجياً وصولاً للعودة إلى كمياتها السابقة وخطة الوزارة بموجب الموازنة الثلاثية ستوجد حلولاً لأزمة الكهرباء لأنها ستعتمد على تنويع مصادر الطاقة والتي ستتضمن نصب الدورات المركبة وإنشاء المحطات الحرارية وأيضا الشروع بإنشاء محطات الطاقة الشمسية إضافة لإكمال مشاريع الربط الكهربائي".
*كواليس الاتفاق ومصير الأموال العراقية بمصرف الـ"تي بي آي"
بدوره، أكد المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، أن حل موضوع استيراد الغاز سيخرج العراق من أزمة استمرت خمس سنوات، فيما أشار إلى أن الأموال المودعة في حساب الشركات الإيرانية بمصرف الـTBI ستبقى للعراق.
العوادي قال في تصريح متلفز تابعته شبكة انفوبلس، إن" حل أزمة استيراد الغاز إنجاز كبير سيخرج العراق من أزمة متراكمة استمرت منذ عام 2018، وهي أزمة شراء الغاز التي تدفع الحكومة أمواله إلى حساب الشركات الإيرانية في بنك الـTBI، لكن البنك لا يستطيع تحويل الأموال؛ بسبب العقوبات الأميركية على إيران".
وأضاف، "في العام الماضي كان إنتاج الكهرباء في مثل هذا الوقت 19.5 ألف ميغاواط، والحلول الآنية التي وضعتها الحكومة الحالية رفعت الإنتاج إلى 25 ألف ميغاواط".
وأردف، أن" الاتفاق تضمّن مقايضة الغاز الإيراني بالنفط الأسود العراقي"، مشيرا إلى، أن" الحل الأمثل لمشكلة الكهرباء في رأي رئيس الوزراء هو تطبيق الخطط المتوسطة والبعيدة المدى عبر 3 إجراءات: الأولى الاتفاقات مع شركة توتال الفرنسية عبر 4 عقود وخلال 2 أو 3 سنوات ستورد بين 550 إلى 600 الف متر مكعب من الغاز، والثانية هي الجولة الخامسة من التراخيص في شركة غاز البصرة والتي أنجزت إنتاج 200 مليون قدم مكعب وفي آخر السنة ستنتج 200 مليون قدم مكعب أخرى، والثالثة: هي الربط مع السعودية والأردن والخليج".
وبيّن، أن "هذه الحلول ستنجز خلال 2-3 سنوات وحينها سنكتفي من الغاز ولا نحتاج إلى استيراده"، موضحا، أن" العقد مع شركة سيمنز تضمن تطوير المحطات الكهربائية القديمة العراقية على مدى 5 سنوات وإعادتها إلى طاقتها الإنتاجية الأولى".
وأكد، أن "الحكومة تهدف للوصول لمعدل إنتاج الكهرباء كما كان في شهر حزيران وهو 26 ألف ميغاواط، وهذا ما يؤمن تجهيز ساعات من 15 – 16 ساعة وتسعى إلى أكثر من ذلك"، لافتا إلى، أن" أزمة الكهرباء متراكمة منذ 20 سنة وليست من صنع الحكومة الحالية إضافة إلى أزمات الدولار والمشاريع المتلكئة".
وأشار إلى، أنه" بعد الاتفاق مع إيران، فإن الأموال المودعة بحساب الشركات الإيرانية في مصرف الـTBI ستبقى للعراق"، لافتا إلى، أن" هذه الأموال ستبقى رصيدا للشعب العراقي وبالإمكان أن تسد جزءا من العجز في الموازنة".
*التفاف على العقوبات الأميركية
إلى ذلك، عدّ خبراء اقتصاديون اتفاق العراق مع إيران على مقايضة النفط الأسود أو الخام، بالقرار الشجاع والجريء والذي يحدث لأول مرة في العراق.
الخبراء أكدوا أن الاتفاق يمثل التفاف العراق على العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، وبالتالي نجاح الحكومة في الخروج من عباءة واشنطن وهيمنتها الاقتصادية، مؤكدين أن هذه الخطوة كفيلة بإنهاء أزمة الكهرباء لاسيما بعد الاتفاقات الأخرى التي تم توقيعها مع شركة توتال الفرنسية وسيمنز الألمانية.