الكويت تسرق النفط العراقي من مياهه الإقليمية.. وزارة الخارجية تحتج وتبلّغ الأمم المتحدة: إليك التفاصيل
انفوبلس/ تقرير
صفحة جديدة من الخلافات بين العراق والكويت اندلعت مؤخرا، على خلفية قيام السلطات الكويتية بشكل "مستفز" بنصب محطة للتنقيب عن النفط في خور "الخفكة" الواقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للعراق، الأمر الذي يؤدي إلى تضييق المساحات المائية أمام العراق، إضافة إلى خسارة مواقع غنية بالنفط والغاز.
*العراق يحتج
قدّمت وزارة الخارجية العراقية، رسالة احتجاج إلى الكويت وأعلنت رفض العراق قيام الجانب الكويتي بنصب محطة للتنقيب عن النفط في خور "الخفكة" الواقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للعراق.
وقالت الوزارة في كتاب وجهته إلى النائب عامر عبد الجبار إسماعيل، وحصلت عليه "انفوبلس"، "إشارة إلى كتابيكم المرقَّمين 68 و 69 في 2022/11/23، نرفق لكم طيّاً نسخة عن مذكرة وزارة الخارجية ذات العدد 1784/3/5/9 في 2023/3/19، المتضمنة رفض واحتجاج حكومة جمهورية العراق على قيام الجانب الكويتي بنصب محطة للتنقيب عن النفط في خور "الخفكة" ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للعراق، بعد أن تم عرض الموضوع على لجنتي الأمر الديواني رقم (123 و 110 لسنة 2021) ومصادقة وزير الخارجية بتاريخ 2023/3/4، علماً أنه سيتم إيداع نسخة منها لدى الأمم المتحدة لغرض حماية المصالح السيادية".
العراق يمتلك ميناءين نفطيين شمال الخليج العربي، أحدهما في (خور العمية)، والآخر في (خور الخفگة)، ومعهما مجموعة من العوامات الرحوية المخصصة لتحميل النفط الخام، إضافة إلى ستة موانئ تجارية تلعب دوراً حيوياً في تأمين واردات وصادرات العراق.
وكان عضو مجلس النواب عامر عبد الجبار إسماعيل، قد خاطب وزارتي النفط الخارجية بكتب رسمية مشفوعة بمعلومات تؤكد قيام الجانب الكويتي بأعمال تنقيب وحفر بئر نفطي قرب ميناء البصرة النفطي ضمن مياه العراق الإقليمية، مؤكدا وجود منصة نفطية بحرية كويتية.
أوساط سياسية وشعبية أعربت عن امتعاضها جرّاء سكوت الحكومة على هذا الانتهاك، الذي يُضاف إلى قائمة الانتهاكات التركية والأمريكية على العراق، حيث طالب نواب في البرلمان بوضع حد للتصرفات المستفَزَّة التي يُبديها الجانب الكويتي مع العراق سواءً هذا العام أو خلال السنوات الماضية.
من جانبه، قال الخبير في شؤون أعالي البحر صلاح البصري، إن تجاوزات الكويت على ممتلكات وحـدود العراق البحرية لا تزال مستمرة.
وأضاف، إن التجاوزات تمثل أحد أهم الأسباب والأزمــات المختلفة القائمة بين البلدين، التي تجددت موخراً لقيام الكويت بالتجاوز على المياه الاقتصادية للعراق في الخليج العربي والمباشرة ببناء منصة ومنشأة نفطية للحفر والاستكشاف خلافاً للمادة 57 من اتفاقية قانون البحار.
* جمع تواقيع نيابية لبحث "التجاوزات الكويتية"
وقد قام عشرات النواب العراقيين في الدورة الانتخابية الحالية سابقاً، بجمع تواقيع نيابية لبحث "التجاوزات الكويتية" على حقوق العراق البحرية، حيث أعلن النائب ووزير النقل السابق عامر عبد الجبار اسماعيل، أن "77 نائبا وقّعوا على طلب لدعوة الحكومة للتحرك وحماية السيادة والمصالح العراقية من التجاوزات الكويتية، وتقدموا به إلى رئاسة مجلس النواب".
وفي وقت سابق، قال النائب عن محافظة البصرة عامر عبد الجبار، إن الكويت قامت بحفر آبار نفطية قرب ميناء البصرة ضمن الحدود الإقليمية للعراق، وأوضح أنه كتب رسائل إلى وزارتي النفط والخارجية منذ تموز/ يوليو 2022 بخصوص "التجاوز الكويتي ضمن مياه العراق الإقليمية".
كما أشار عبد الجبار ــ وهو وزير نقل عراقي أسبق ــ إلى "وجود منصة نفطية بحرية كويتية تبعد عن خور الخفكة 5 أميال بحرية وعن ميناء البصرة النفطي 18 ميلا بحريا". وأكد عبد الجبار، إن المنطقة الاقتصادية الخالصة التي نصّبت فيها الكويت منصتها، غنية بالنفط والغاز وبحاجة لدراسة شاملة، داعيا الحكومة الحالية للبدء بمحاسبة الذين تنازلوا عن حقوق العراق، ومنوها إلى أن "قانون البحار للأمم المتحدة حدّد الحدود المائية الخالصة للعراق والكويت".
* الكويت صعّدت خلافاتها مع العراق
وكانت الكويت قد صعّدت خلافاتها مع العراق، عندما قامت مؤخرا بإيداع خريطة جديدة لدى الأمم المتحدة أعلنت فيها سيطرتها الكاملة على خور عبد الله في مدخل الحدود البحرية العراقية، والذي يعتبره العراقيون جزءاً من بلدهم. كما سبق للكويت أن قامت عام 2019 بالدفاع عن قيامها ببناء منصة بحرية في مياه الخليج، وذلك ردا على احتجاج العراق لدى مجلس الأمن آنذاك ضد القرار الكويتي واعتبار بغداد أن المنصة ستؤثر على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
ومؤخرا أفاد صيادون عراقيون في محافظة البصرة جنوب العراق المطلّة على الخليج العربي، أن السلطات الكويتية قامت بنصب منصة للتنقيب عن النفط والغاز في "المنطقة الاقتصادية الخالصة" التي تقع مقابل ميناء الفاو الجديد"، مؤكدين أن "مكان المنصة يقع ضمن منطقة مشتركة بين العراق والكويت وإيران، ولم يجرِ الاتفاق حتى الآن على تقسيمها أو استثمارها بين تلك الدول".
وأثار الإجراء الكويتي الجديد ردود أفعال غاضبة في الأوساط العراقية التي اعتبرته تجاوزا جديدا على الحدود والمصالح والسيادة العراقية. فقد دعا النائب أحمد الربيعي "الدبلوماسية العراقية، للتحرك بقوة ضد هذا العمل المستفز والعمل على اتخاذ إجراءات قانونية لحماية السيادة والمصالح". وشدد في لقاء متلفز على ضرورة "حماية حقوقنا سواء في الحدود المائية أو الحقول المشتركة". وأضاف النائب، "تردنا أخبار عن قيام الكويت بحفر العديد من الآبار في المناطق المشتركة التي يجب الاتفاق بين الطرفين عليها".
*الحقد الكويتي لا يشفى بالتعويضات التعسفية والقرارات الجائرة
أما النائبة عالية نصيف، فقد وصفت إغلاق الكويت لمدخل ميناء الفاو وسيطرتها على خور عبد الله بالكامل بأنه "إعلان حرب اقتصادية على العراق"، مطالبة رئيس الوزراء ووزير الخارجية بالتدخل وحماية مصالح وسيادة العراق وتقديم شكوى لدى مجلس الأمن حول هذا الاعتداء. وقالت في بيان: "إن هذا التحدي المتمثل بغلق مدخل ميناء الفاو والسيطرة الكاملة على خور عبد الله يتزامن مع قيامنا بتنفيذ مشروع ميناء الفاو، وهو رسالة من الكويت بأن هذا الحقد لا يشفى فقط بالتعويضات التعسفية والقرارات الجائرة التي دفع ثمنها الشعب العراقي".
وأضافت، "إن الكويت لم تكتفِ بإغلاق الممرّ المائي بل أودعت خريطة جديدة لدى الأمم المتحدة، وهذا يعني أن هذا العدوان الجديد ليس تصرُّفاً فردياً من خفر السواحل الكويتي بل هو موقف رسمي من قبل الحكومة الكويتية، وهذا يعني إعلان حرب اقتصادية ضد العراق"، مؤكدة، إنه "لولا وجود الخونة والعملاء والمُرتشين لما تمادت الكويت وتجرّأت على القيام بهذا التجاوز". وشددت نصيف على "ضرورة التدخل العاجل من قبل رئيس الوزراء ووزير الخارجية ومخاطبة أعلى سلطة في الحكومة الكويتية بالشكل الذي يحفظ مصالح وسيادة العراق، مع تقديم الوثائق التي تثبت عائدية هذه المنطقة للعراق إلى الأمم المتحدة وتقديم شكوى لدى مجلس الأمن بهذا الشأن".
* مطالبات لحكومة السوداني
وفي سياق الرفض أكد العديد من النواب والقوى الشعبية والسياسية، أن الكويت تستفز الشعب العراقي وتستثمر القرارات الدولية عقب الاحتلال، للتوسع على حساب الأراضي والمياه العراقية، وهو أمر ليس في صالح العلاقة بين البلدين. فيما تصاعدت المطالبات لحكومة السوداني باستدعاء السفير الكويتي في بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج.
وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي، بتعليقات عن استغلال السلطات الكويتية، بعض الأمور للاستيلاء على مزيد من الأراضي والمياه العراقية، وسط اتهامات لبعض المسؤولين العراقيين بأخذ الرشى من الكويت مقابل غض النظر عن تجاوزاتها وتنازلها عن الحقوق السيادية للبلد، مشيرين إلى اعترافات وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري أمام مجلس النواب بعرض الكويت الرشى على أعضاء الوفد العراقي المفاوض مع الكويت حول الحدود المشتركة. فيما أشار مغردون آخرون إلى قيام الحكومة العراقية، وبدون مبرر بالتوقيع مع نظيرتها الكويتية عام 2012 اتفاقية خور عبد الله، التي أسفرت عن خسارة العراق مساحات مائية واسعة واستراتيجية تعود للعراق منذ القِدم.
يُذكر أن مجلس الأمن الدولي أصدر القرار المرقم 2621 في 22 شباط/ فبراير 2022 الذي أكد على إيفاء العراق جميع التزاماته الدولية بموجب الفصل السابع، وأثمر عن خروجه من الفصل السابع بأثر فوري، وغلق لجنة وصندوق التعويضات في نهاية هذا العام. وذلك بعد إعلان العراق "إتمام سداد كامل مبالغ التعويضات التي أقرّتها الأمم المتحدة للكويت جرّاء الغزو العراقي لها والبالغة 52.4 مليار دولار أمريكي".
وجاءت التعويضات التي يؤكد العراقيون أنها مبالغ بها كثيرا وغير عادلة ضمن سلسلة قرارات تعسفية ضد العراق عقب غزوه الكويت، والتي ترتّب عليها استقطاع أجزاء واسعة من الأراضي والمياه وحقول النفط والمزارع العراقية وضمّها إلى الكويت، إضافة إلى التعويضات المالية. ورغم التصريحات الرسمية للمسؤولين العراقيين والكويتيين بحُسن العلاقة بين البلدين، إلا أن الواقع يُشير إلى وجود العديد من الملفات العالقة بين البلدين التي تحتاج إلى بحث واتفاق.
ولاشك بأن السلوك الكويتي الجديد يعزز قناعة طيف واسع من العراقيين، بأن هناك أطرافا في الكويت تفتقد إلى الحكمة والحرص على بناء علاقات سليمة مع جارتها العراق من خلال تعمّد استغلال الظروف الدولية المرتبكة لفرض المزيد من التجاوزات والإجراءات والقيود على المنفذ الوحيد للبلد على الخليج العربي وهي قضية يؤكد مختصون في العراق أنها مسألة في غاية الأهمية والخطورة ولا تبشّر بمستقبل تسود فيه علاقات طيبة تراعي مصالح البلدين، لأنها تؤدي إلى انتزاع حقوق سيادية تاريخية من العراق إضافة إلى خنق الرئة الوحيدة له على العالم.